الخميس، 26 يونيو 2014

هاتاكلوا أمكم ؟ كيف تبدو مصر في خطابات السيسي ؟

كيف تبدو مصر في خطابات السيسي ؟
السيسي وشخصنة مصر
أميرة الطحاوي

خلال العام الماضي، وفي حوارات مختلفة، كوزير وكمرشح ثم كرئيس للبلاد، تعمد "عبد الفتاح السيسي" أن يكون حديثه للمواطنيين المصريين معتمدا تشخيص الدولة والوطن؛ مصر، واستدعاها حاضرة ككيان أو جهة، وأحيانا كشخص وجثمان مرئي، بالأخص عند إشارته للمستقبل أو المتطلبات التي يتوقع أن يفي بها المواطنون.


في العام الماضي 2013، تكررت على لسانه عبارات من قبيل: "مصر أم الدنيا وهاتبقى قد الدنيا"، رغم ركاكة الصياغة وغرابة المعنى لكنها اشتهرت على أي حال، واعتبرها بعض مؤيديه شعارًا لأِشهر، ولاحقا وفي كثير من المقالات والرسوم والفنون المؤيدة له زاد تصوير مصر كسيدة فائقة الحسن، كما أقيم مجسد كارتوني لها على هذه الشاكلة في ميدان التحرير وتبدو أكبر من تمثال آخر للسيسي، خلال احتفالات تنصيبه رئيسا في يونيو حزيران 2014.
من بين شواهد حرصه أو حرص كاتب خطاباته أويحدد طريقة توضيحه وتمثيله للأفكار عن مصر، تساؤله أثناء سباق الرئاسة: "انتوا هاتاكلوا مصر ولا إيه؟" ردا على سؤال مذيع عن أصحاب المطالب "الفئوية" بحسب الوصف الغالب استخدامه من إعلام الدولة أو فضائيات وصحف رجال الأعمال للفعاليات التي تسعى للحصول على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشغيلة والفلاحين، خاصة بعد ثورة كان شعارها (عيش. حرية. عدالة اجتماعية / كرامة إنسانية)، وقد أردف السيسي برفض توقيت هذه المظاهرات، لكن المعنى أن يأكل الشخص "مصر؛ أمه" يحمل أكثر من فكرة رفض توقيت التظاهر إلى تحقيره والاشمئزاز منه بالأخص عند تصوره بصريا.
 وكرر نفس المعنى في 24 يونيو حزيران في حفل تخريج دفعة من الكلية الحربية "مصر مش هاتستحمل المطالب الفئوية "  ورغم انه تطرق لأسباب أخرى في عجز الموازنة وشدد على الالتزام بالحد الأدنى والأقصى للأجور، لكن استمر يظهر مصر بأنها ستشكو ممن يطالب بهذه المطالب الفئوية وانه لن يلبي اي مطلب من هذه الشاكلة. وفي نفس الخطاب الذي قال السيسي انه مرتجل، شكر الطلاب واستدرك ان "مصر كمان بتشكركم" كمتحدث عنها. واشار للمصريين بأنهم "رجالة" ونساؤهم أيضا رجالة، بالاشارة لقدرتهم على تحمل المصاعب.
وفي حوار سبق الانتخابات الرئاسية أيضا، وردا على سؤال عما إذا كان من الوارد أن تأخذ الحكومة من البعض (ضرائب ونحوه) قال السيسي: مش إحنا اللي هناخد من رجال الأعمال، ده مصر اللي هتاخد.  ويضفي الوصف هنا حدودا وتقديسا، كما يحصن من المساءلة ولو أدبيا كون أيا ما سيُعطى ستأخذه مصر، فمن سيسألها؟ كم أخذتي وكيف انفقتيه؟
أحيانا ما يتحدث السيسي عن مصر كمسكين أو مريض بحاجة لتحمل ما به من عوز أو مرض  "الشباب في مصر مظلوم من كل الجهات بس هي ظروف بلدنا  كده" كما قال في حوار له في مايو ايار الماضي.
وفي حوار له بعد تقلده رئاسة البلاد وعلى هامش رحلة بالدراجة صباح 13 يونيو قال السيسي (هاندي مصر 16 جنيه ف اليوم.. )  عندما كان يحسب نقديا ما يمكن توفيره لو لجأ المواطنون (والمواطنات أيضا) لاستخدام الدراجة في التنقل في مصر المعروفة بازدحام عاصمتها الشديد.
أما ما سيقدم هو لمصر وللشعب، فقد اختار السيسي في حوار بتاريخ 18 مايو "نفسي أجيب لكم حتة من السما" وحرص في غير مرة على تكرار انه لا وعود لديه وانه على الشعب العمل والمشاركة كضمان لوضع أفضل للبلاد والمواطنين. وكان حريصا على رفض القول ان مصر تتسول، عندما ذكر العبارة مذيع الحوار.
وكما كان الأمر في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، حيث بدت مصر في الأغاني الوطنية فتاة حلوة وفتية معا، لكن وقتها لم يطلب أحد إعطاءها جنيها، أو ان أبناءها سيأكلونها لمجرد مطالبتهم بحقوقهم. صورة مصر شخص في ذهن السيسي، وغالبا أنثى وأم، فقيرة مرة ومريضة مرات، ولكنها أيضا تستحق قطعة من القمر.

S C