السبت، 17 مايو 2014

#Sudan "مسيحية؟ متزوجة؟ حامل؟ سنقتلك على أي حال !"

وما أن علم أهل الزوج السابق بأن ابنته "مريم" التي هجرها وأمها قبل سنوات قد تزوجت، حتى أصبح الأمر يتعلق بملكية غائبة لا يحق لأحد التصرف فيها سواهم؛ فالابنة هنا شيئ يُمتلك و"لا يصح أن يتم التصرف فيه بعيدا عنَّا لسبب وجيه هو أن نطفة من ابن لنا "ذكر" قد تسببت بيولوجيا قبل سنوات في انجاب هذا الشيء"، أقصد الفتاة. وربما حركهم الغضب بأن شيئا أنثويا يتصل بهم بالدم قرر بإرادته أمرا أو فعلا، كما أن الفتاة ستصبح في عصمة زوج من ديانة أخرى غير ديانتهم، من ديانة يعتبرونها أقل من إسلامهم، ياللعار.. انها تنام مع زوجها هذا، بل وستنجب منه بعد اشهر، وهذا غير مقبول لديهم. ربما يصح أن يطأ ابنُهم إمرأة مسيحية ويهجرها، لكن لا مساس بنسائنا حتى من هجرناهم. 
حركهم كل هذا، ولم يحركهم عبر سنوات ان هناك فتاة تنتمي لهم وعليهم واجب أخلاقي وديني ومجتمعي تجاهها وتجاه والدتها، لم ينفقوا عليها او يراعوها، وتذكروها فقط عندما تعلق الأمر بالقرار المستقل والزواج والحياة وانتقال ملكية مفترضة.
تقدموا للمحكمة بدعوى قضائية، وقضت المحكمة أن الفتاة يجب أن تقتل (لم تصدر المحكمة شيئا ضد والدها مثلا الذي هجرها وأمها ولا ضد أقارب الأب الذين أهملوا الصغيرة).سيكون هناك جدل حول تنفيذ الحكم، وربما تأخر لعامين وأشهر (حتى تضع حملها وتتم فطامه).
البنت دينيا ليست مسلمة وليست مرتدة عن الإسلام؛ فقد نشات على ما تربت عليه من أمها المسيحية، فكيف تحاكم بالردة؟ وتحاكم أيضا بالزنا لأنها تزوجت من مسيحي من ديانتها؟

الأمر متعلق بمفهوم مقيمي الدعوى عن الملكية الخاصة، حيث يسحبونها على جسد وعقل فتاة أهملوها لسنوات، وبرفض قرار مستقل لأنثى؛ إذ كيف يمكن لإمرأة أن تفكر وتقرر دينها وتختار من ستتزوجه؟ وبتعال وتراتبية ترى دينهم أفضل من غيره.
ما يحدث في قضية " " بالسودان ليس أمرا فرديا، إنه تفكير رجعي ومهيمن وذكوري ومنحط إنسالنيا وأخلاقيا. وقرار المحكمة بالحكم على مسيحية بالقتل بحجة الردة والزنا، ليس تطبيقا لقانون ولا نص ديني، بقدر ما هو انصياع لتقاليد ظالمة وقاسية وعنصرية معا.



**عن مريم يحيى المحكومة بالإعدام في السودان 

S C