الخميس، 26 نوفمبر 2009

على هامش صدور تقرير هيومان رايتس، أكراد سوريا.. بين الشكاوى والمطالب - حوارات


كتبت أميرة الطحاوي* - يقول أكراد سوريون أن مناطقهم تعاني من التهميش، ويريدون حريات سياسية ومدنية أكبر،  وفي تقرير لها صدر اليوم الخميس بعنوان " إنكار الوجود" طالبت منظمة (هيومان رايتس ووتش)  الحكومة السورية بالكف عما سمته "ممارساتها غير القانونية أو المبررة بمهاجمة التجمعات السلمية الكردية واعتقال النشطاء السياسيين والمثقفين الأكراد" ورصدت المنظمة بعض حالات القتل والتعذيب والاختفاء القسري لأكراد غالبهم من فئات عمرية شابة، لمزيد من الضؤ على أوضاع وشكاوى الأكراد بسوريا، كان هذا الحوار مع الباحث جهاد صالح وهو كردي سوري، يعيش حاليا في الولايات المتحدة قادما لها من لبنان حيث غادر سوريا قبل سنوات. وسامان محمد؛ الصحفي الكردي الذي يعيش في كردستان العراق منذ 2004، وكان يفترض أن يتضمن الحوار أيضا إجابات من أحد الأكراد السوريين الفارين بالقاهرة منذ نهاية التسعينات لكنه تراجع طالبا عدم نشرها لأسباب تتعلق بسلام أسرته في سوريا.
تعليق من منظمة هيومان رايتس:

وقد قالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتتش أن الحكومة السورية " ترى التهديد في كل مكان، حتى في الاحتفال برأس السنة الجديدة التي تجري في القرى، فإذا كانت ترغب في علاقات أفضل مع أقليتها الكردية، فعليها أن تعالج شكاواهم المشروعة بدلاً من محاولة إسكاتهم".مضيفة أن "تجاهل معاملة الأكراد في سوريا لن يجعل المشكلة تختفي، ولعب المجتمع الدولي دوراً هاماً في تحسين معاملة الأكراد في العراق وتركيا، وعليه أن يفعل الشيء نفسه بالنسبة لأكراد سوريا".
*يسألنا أستاذ الرياضة عن قوميتنا و يحشرنا في زاوية خاصة، و ينعتنا أستاذ التربية العسكرية بالخونة و العملاء الإسرائيليين! كيف يثقلونا بكل هذا الكراهية ونحن بعد أطفال؟
*كانت رسالة الأسد الابن للكرد السوريين، ألا تحلموا بأية حلول!
*الخارج من سوريا مولود، و الداخل إليها مسجون في فرع فلسطين الملقب بسجن النهاية.
*هناك هجرة داخلية نحو أطراف دمشق، حيث يستأجر الأكراد خيما للسكن إذ لا يملكون إيجار الغرف.
*الأسد قام بتسليح قبائل عربية لمواجهة أي احتجاج من مواطنيه الأكراد.
*طالبنا بحقوقنا كمواطنين ولم نتحدث أبدا عن الانفصال.



سألناهم أولا عن مصير ذلك التفاؤل الذي عم بعد وصول الرئيس السوري الحالي بشار الأسد للحكم قبل 9 أعوام، وهل حقا كان لديه النية لتهدئة الأمور في المناطق الكردية؟

يقول "جهاد صالح" أنه منذ توليه الحكم في سوريا، لم تكن لدى بشار الأسد النية في إصلاح أي شيء، وخاصة ما يتعلق بالوضع الكردي، بل العكس ازداد وضع الشعب الكردي سوءا، من النواحي الاقتصادية والسياسية، وبعد سقوط نظام صدام عام 2003 خاف النظام السوري من تغييرات في المنطقة قد تطاله، ودخل بشار في سياسة قمعية جديدة مغايرة بعض الشيء لنهج والده، وزادت الاعتقالات في صفوف النشطاء الكرد، والأحكام الجائرة، وقلق النظام من تنامي النجاح الكردي داخل العراق وهذا سيؤثر إيجابا على أكراد سوريا، وقمع الأجهزة الأمنية للمظاهرات الكردية في دمشق والقامشلي، كانت مدخلا لسياسة الأسد الابن الجديدة تجاه الأكراد،إلى أن ارتقت تلك السياسة في ما خططت الأجهزة الأمنية في افتعال مشكلة داخل سوريا بين العرب والكرد، وتحولها إلى انتفاضة كردية 2004، وطبعا كان رد السلطة قاسيا ودمويا، وسقط عشرات الضحايا من الشباب الكردي برصاص الجيش والأمن واعتقال الآلاف.
باختصار كانت رسالة الأسد الابن للكرد السوريين، ألا تحلموا بأية حلول، حتى أنه في خطاب القسم الرئاسي الأخير وضع الأكراد قاب قوسين، وأن المشكلة الكردية هي مسألة الأكراد المجردين من الجنسية السورية والتي لم تلقى أية حلول رغم الوعود الرئاسية.
ويعلق "سامان محمد" بالقول أن بشار حاول في خطاب قسمه أن يكون لينا مع الوضع السوري عامة، و مع الحالة الكردية بشكل خاص.غير أن ما أعقب مرحلة ما سميَّ بربيع دمشق و إغلاق المنتديات الثقافية، و فتح أبواب المعتقلات على مصراعيها لابتلاع المزيد ثم المزيد من الشعب السوري، كشف المستور فيما أعلنه بشار، الذي قدم طعمه المدني لإخراج أبطال الفكرة التهريجية التي تقول بإمكانية قيام حياة مدنية خارج قبضة السلطة البعثية في سوريا.لذلك لم أطمئن و لو للحظة لنية بشار في إحداث تغيير ما داخل العالم السوري المغلق بإحكام، فكل قوة و بلطجة النظام السوري موجه نحو قمع شعبها، لذلك هي دولة هشة. تصوري هذه الخرافة السورية التي حدثت قبل أيام، و هي أن شاب كردي سوري حكم عليه بالسجن لثمان سنوات، لضعف في شعوره القومي...؟ لا توجد مسوغات لاعتقال كائن ما كان في سوريا، الكل على حافة الإعتقال الاعتباطي الذي تفشي منذ عدة سنوات، و بالتحديد بعد 12 / 3 / 2004. عندما حدثت المواجهة بين الكرد و الحكومة البعثية التي استعادة استراتيجيتها القديمة التي جربتها في مدينة حماه1982. عندما سلحت بعثييها من المتواجدين في حماه قبل أن يقتحم الجيش المدينة. و هذا ما حدث في مدينتي الحسكة و القامشلي، حيث تم تسليح الشوايا ـ و الشوايا لقب لبعض القبائل العربية كقبيلة الطي والشرابية، لمواجهة الكرد و فبركة القمع البعثي بأنه صراع داخلي بين الكرد و العرب، غير أن ذلك لم يتم له حيث وقفت عشرة الشمر المعروفة في المنطقة العربية عامة، إلى جانب الكرد في صراعهم مع الهمجيين الذين استقدمتهم السلطة من بادية الرقة و تدمر و استوطنتهم كجزء من سياسة التعريب في المكان الكردي. إن كلمة الاطمئنان في سؤالك خرافية بالنسبة لي. فكيف لي أن أثق بنظام جرَّد أكثر من 350000 ثلاثمائة و خمسون ألف مواطن كردي من الجنسية السورية. و نظام حاصر المكان الكردي بالحزام العربي بطول 365كم و بعرض 20 كم. على الحدود مع تركيا. و نظام سلب الفلاح الكردي أرضه غصبا و بقوة السلاح و على الطريقة الصهيونية و أنشأ مستوطنات عروبية للبدو الذين جلبهم من الرقة. نظام أحرق ستين كرديا في سجن الحسكة في 24/3/1993. و نظام أصدر المرسوم 49 الذي يمنع الكرد من تملك العقارات. و يعرِّب القرى و المناطق الكردية. و يمنع علينا التحدث باللغة الكردية في الأماكن الرسمية. ويسألنا أستاذ الرياضة عن قوميتنا و يحشرنا في زاوية خاصة، و ينعتنا أستاذ التربية العسكرية بالخونة و العملاء الإسرائيليين و نحن مراهقين لا نفكر سوى بما يفكر به المراهق في العالم. أيشجع تاريخ علاقتنا مع البعث على الاطمئنان إليه...؟

*كمغترب كردي، هل كنت تفكر في البقاء بعيدا عن بلدك؟ هل كان حلما ؟ ما الاختلاف في سفرك: المرة الأولى للبنان والآن إلى أمريكا ؟
يقول "جهاد صالح" : لم أكن أبدا أريد ترك الوطن في هذه الظروف التي يجب تفعيل النضال والنشاط بين الجماهير وداخل الشارع الوطني، مع أنني كنت أحلم أن أسافر إلى أوروبا لأجل الدراسة، ولكن لم أجد أمامي إلا اختيار الخروج من سوريا قسرا بعد مضايقات مخابراتية وتحقيقات أمنية وإرهاب نفسي، لمتابعة النشاط الصحفي والإنساني والسياسي ولو من وراء الحدود.
في المرة الأولى حين تركت سوريا ومدينتي القامشلي كان يراودني شعور هو هل سأعود يوما، مع شعور بالذنب أنني أترك أصدقائي وأهلي والمواطنين السوريين داخل الجحيم، كنت أتألم لأجل ما يحدث لهم.
في المرة الأخرى والأخيرة وبعد بقائي في لبنان لمدة العام ونصف العام، وسفري كلاجئ إلى أمريكا، شعور مؤلم كان يتقمصني وهو أنني أتلاشى وأتحطم بابتعادي نهائيا عن الوطن، فالفارق أنك في لبنان ملاصق للوطن وقريب جدا، ولكن في أمريكا هناك بعد زمني وروحي وجغرافي، صعب أن أصف شعوري من هنا في أمريكا، وكأنني انطلق من الصفر؟
ويعتقد "سامان محمد" أن هجرته لم تكن اختيارية،بل دفعه النظام لذلك " هجرتي غير الشرعية من سوريا كانت قسرية. ففي موقعة القامشلي التي عمت كل المدن السورية، جلب البعث عملائه من العرب الشوايا و أمرهم بسرقة الدكاكين الكردية في مدينة الحسكة و القامشلي،و عندما ذهب أخوتي للدفاع عن دكانهم الذي سُرِق و أحرق، تم القبض عليهم من قبل الشرطة البعثية و على إيقاع الهتافات و قيم الحضارة البعثية التي كانت تنادي.../ بالروح بالدم نفديك يا بشار ـ و ينهبون أموالنا ـ بالروح بالدم نفديك يا صدام ـ و ينهبون أموالنا ـ الله أكبر ـ و يحرقون أموالنا و يتم اعتقالنا. لذلك هربت ليلا. غير أنني أتوق باستمرار للاجتماع مع أهلي الذين باتت علاقتي معهم، كعلاقة مع الموت المتقطع، كل فترة يتصلون و يخبرونني بموت أحدهم من الذين تبقوا في سوريا الصامدة جدا..!!. الخارج من سوريا مولود، و الداخل إليها مسجون في فرع فلسطين الملقب بسجن النهاية، و أما يعتقل لفترة و من ثم يختم على جواز سفره ممنوع من السفر إلى أبد الآبدين."

* سألنا “جهاد صالح” عن مغادرته إلى لبنان ثم إلى أمريكا، في مقارنة بين التجربتين: هل غادرت سوريا لوجود ما قد يصح تسميته بمناخ مناهض للأكراد، وصعوبة الترقي المهني لهم؟ أم رغبة شخصية في تحسين أوضاعك أنت كفرد أو ضمان مستقبلك المهني؟

فقال إن المناخ العام في سوريا سيء جدا، هناك الفساد والبطالة والقمع، وأنا كمواطن كردي محروم من معظم الحقوق، ومضطهد بشكل يومي، إضافة إلى التمييز العنصري من النظام بحق الشعب الكردي في سوريا، كما أن تخرجي من الجامعة واصطدامي بواقع معاشي مخيف منعني من ممارسة مهنة المحاماة، وعدم استقلالية القضاء، وحرماني من تولي الوظائف الحكومية لأسباب عنصرية وسياسية، ومناهضتي شخصيا وثقافيا لسياسات النظام، ودخولي في الصف النشاطي الإنساني داخل المجتمع السوري، لأجل بناء وطن ديمقراطي ومؤسساتي. لكن انتهى كل شيء بالسفر واللجوء إلى بيروت ومن ثم إلى واشنطن، باختصار لا يمكن لشخص مثلي يريد الحرية والعدالة والعيش كمواطن من الدرجة الأولى، أن يعيش داخل سوريا، والسبب الأساسي هو أنني كشاعر وككاتب لن يستطيع تقديم أي شيء لوطنه ولقضايا الإنسان في ظل القمع والحريات المصلوبة.

* لكن، هل تركت لبنان أيضا مضطرا ؟هل كنت تتوقع ان تبقى فيه فترة اكبر وتشق طريقك ربما في سهولة أكثر من وجودك بالغرب؟
لبنان كانت محطة هامة في نشاطي الصحفي والإنساني معا، وقد استطعت القيام بنشاطات كثيرة، إضافة أنني تطورت كتابيا ومهنيا، ولكن النظام لم يتركني في سلام، فكان أهلي وأصدقائي يتعرضون لمضايقات بسبب ذلك، حتى وصل إلى درجة التهديد بخطفي من بيروت، كنت أعيش في مناخ مخيف ورهيب، ولكن بقيت أمارس أنشطتي علنا، وفي النهاية مورس الضغط علينا كنشطاء ومثقفين سوريين داخل لبنان، من قبل بعض الساسة اللبنانيين الموالين لنظام الأسد، وطالبوا بإخراج النشطاء السوريين من بيروت، وهذا ما دفع مكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والسفارة الأمريكية لإخراجنا بسرعة.


* وعن الشباب الأكراد بسوريا، هل هناك بينهم الآن اتجاه عام للسفر للخارج، بالأخص لإقليم كردستان العراق الذي يحظى بحكم ذاتي، أو لبنان أو حتى الغرب؟
يقول "جهاد صالح" أن "الغالبية من الكرد السوريين يطمحون للسفر إلى الخارج، وهذا لأسباب تعود إلى الفقر المدقع والبطالة والقمع المتعدد الألوان بحقهم من النظام وأجهزة المخابرات، وقد ازداد عدد المهاجرين إلى دمشق والساحل السوري، وكذلك إلى لبنان وكردستان العراق، حتى وصل الأمر بمكتب الأمم المتحدة الإنمائي 2008 باعتبار المنطقة الكردية منطقة كوارث بسبب الجفاف والفقر، طبعا النظام يشجع الهجرة والسفر لأجل الهروب من وضع حلول للقضايا الكردية، وكأسلوب مناهض للنشاط الكردي وذلك بإفراغ المنطقة الكردية من سكانها الأصليين"
أما "سامان محمد" فيرى في تجربته في العيش بكردستان العراق بديلا مؤقتا " رؤيتي شخصية و هي متوقفة على وضع كل مدينة بشكل مستقل. أقيم هنا منذ خمس سنوات و مازال الناس هنا ينادونني بالسوري كأنني صفة لشيء و لست كائنا. و إن بقيت هنا لملايين السنوات سيظلون ينادونني بالسوري. سوريا التي لا تعترف بي، تلتصق بي كنعت ٍ لشيء ما هنا. أعيش هنا و لكنني لا أقيم فيه. وطني هو ما يشعرني بالثبات على ترابه و هو أمر لم أشعر به لا هنا، و لا في سوريا الأسد التي تشعر الجميع بأنها حظيرة بعثية و الكل قطيعها"

* سألناهم هل هناك زيادة في عدد الأكراد الشباب المسيسين أو المثقفين الذين يرغبون في مغادرة البلاد؟ وهل الاتجاه موجود لدى الشباب العاديين لتحسين ظروفهم الاقتصادية: حتى للعمل لفترة بالخارج؟

يعتبر "جهاد صالح" أن هناك توجه عام لدى الشباب الكردي للسفر، على أمل الحصول على حياة معيشية مناسبة وصحية، ولكن النسبة تتقلص لدى النشطاء السياسيين والمثقفين الذين يفضلون البقاء داخل سوريا، لإفشال مشاريع النظام في إخراج الأكراد من أرضهم ومناطق سكنهم، بالقمع والمشاريع العنصرية والقوانين الاستثنائية. وممارسة النشاط وجها لوجه مع آلة القمع السلطوية.
ويعبر "سامان محمد" عن نفس الرؤية تقريبا فيقول إن تمكنتِ من التجول الآن في المدن الكردية، ستخبرك الشوارع عن الهجرة القسرية التي يضطر الكردي في سوريا القيام بها. أنفَّلة ٌ خفية بسلاح التجويع و منع المشاريع التجارية و الصناعية في المناطق الكردية، و طبعا المرسوم 49 سيء الصيت. فالكردي عندما يتزوج يجمع لإقامة حفلة الزواج موافقات جميع الفروع الأمنية في المحافظة و يدفع ضريبة رفاهية لكونه يتزوج، بالرغم من أن الزوج في الدستور السوري واجب على الدولة و حق للمواطن. لقد توقف العمل كليا في مناطقنا بسبب المرسوم 49. إن سلبت منا سبل عيشنا سلبت حياتنا، لذلك تكتظ شوارعنا بالموتى بدلا من الأحياء. الكل يئس ٌ و عاجز بلا حيلة أمام تفشي الإعتقال الاعتباطي و تفشي البطالة و الفقر. كما هناك هجرة داخلية نحو أطراف دمشق، حيث يتم استئجار خيم للسكن فيها لعدم القدرة على استئجار غرف.
* عن المطلب الذي يجمع عليه مواطنو سوريا الأكراد؟ وهل يجد مكانه في أجندة الأحزاب الكردية هناك..يقول "جهاد صالح" أن كل المواطنون الكرد السوريون يطالبون بحقوق المواطنة الكاملة، والاعتراف الدستوري بالشعب الكردي داخل سوريا كقومية ثانية إلى جانب القومية العربية، وتأسيس نظام برلماني لا مركزي، على أن تكون المنطقة الكردية منطقة إدارية واحدة، ويتولى الأكراد إدارة شؤونهم بأنفسهم ضمن وحدة البلاد ووفق مقتضيات المصلحة الوطنية.
وهذا ما نجده في برامج الأحزاب الكردية وأجندتها، وهي أحزاب علمانية علنية وغير مرخصة ولكنها تمارس نشاطها علنا، والنظام يدرك تماما مطالب الكرد الوطنية، ولكن لا حلول ولا حوارات والأبواب موصدة.
فيما يرى "سامان محمد" أن مطالب الشعب الكردي في سوريا تتقاطع تقريبا مع الشعارات التي تعلنها الأحزاب الكردية في سوريا. فكلاهما ينادي بالديمقراطية و بالحياة الكريمة و بإيقاف الاعتقالات الاعتباطية و بإلغاء قانون طوارئ الطوارئ، فالمناطق الكردية محكومة بآثار مضاعفة للوضع الطارئ ـ أكثر من أربعين سنة و ما زالت الحياة السورية طارئة. طبعا الأحزاب الكردية في سوريا مأخوذة بانشقاقاتها اللانهائية و وانقسامات زعاماتها داخل لعبة يجيدها البعث لصالحه دائما،أي لعبة الشعب ضد الشعب. و هي بكل أسف لعبة يتعثر بداخلها كثيرا، الكثير من قيادات هذه الأحزاب.

* البعض يستشعر مخاوف لدى سلطات دمشق من دعم ما من قبل السلطات الكردية بالعراق للأحزاب الكردية السورية.
يؤمن "جهاد صالح" على هذا، قائلا: نعم النظام السوري يعيش القلق والخوف من أي دعم للحركة الكردية السورية من قبل السلطات الكردية في العراق، ولكن ليس هناك أي دعم مادي أو سياسي، هناك تعاطف وتضامن، إلى جانب بعض المساعدات في المجال الدراسي للطلبة عبر المنح الدراسية، وفتح مكاتب للأحزاب الكردية السورية داخل كردستان العراق.
ونجد السلطات السورية تعمل جاهدة لمنع أي دعم كردي عراقي لأكراد سوريا، خوفا من ازدياد وتيرة النضال والنشاط الكردي السياسي داخل سوريا.
أما "سامان محمد" فيلخص موقف حكومة دمشق من إقليم كردستان العراق بالعبارة " سوريا تخاف الهواء القادم من كردستان العراق، ويضيف " ينبهنا إلى التزامن بين حدوث كل تطور في كردستان العراق و بين التدهور الذي يحدث للكرد في سوريا. فيوم تنصيب جلال الطالباني رئيسا لجمهورية العراق، قتل أول عسكري كردي سوري بالتعذيب على يد ضابطين في الجيش السوري. و مع إقرار الفدرالية في العراق، حدثت انتفاضة القامشلي...إلخ. وهكذا كل ما يحدث في كردستان العراق له صدى وترد الحكومة السورية عليه بطريقتها.

* ولكن هل تخشى سلطات دمشق من تكرار للدور الذي لعبته سوريا مع حزب العمال الكردستاني؟

يقول "جهاد صالح" أن ذلك وارد؛ فسوريا دعمت أوجلان وحزب العمال الكردستاني لأجل ضرب تركيا، وكذلك خلق صراع كردي – كردي وإضعاف الحركة الكردستانية، واليوم أكراد العراق يقودون السلطة في العراق التعددي، وهم حلفاء أوروبا وأمريكا، ولهم دور مميز واستراتيجي في الشرق الأوسط ومسألة الاستقرار، إضافة إلى أنهم يمتلكون شبه دولة، وامتلاكهم لسلاح النفط، كل ذلك يثير الرعب ليس لدى النظام السوري فقط، بل التركي والإيراني وبعض العرب، وإذا قدمت الحكومة الكردية العراقية الدعم لأكراد سوريا، أعتقد أن الوضع الكردي والسوري كان سيكون في حال أفضل.
ويلخص "سامان محمد "موقف الحزب الحاكم في سوريا من حركات التمرد الكردي في الدول المجاورة بأن البعث السوري لن يقوم إطلاقا بشيء يخدم قضية يحاربها هو و أعداوءه. البعث السوري لا يكترث بالكرامة الإنسانية، لذلك دافع بشار عن مثيله و مثله صدام قبل تحرير العراق، و الآن يدافع عن البشير، و هو لن يسمح باستنشاق الكرد لنفس الهواء و العيش تحت ذات السماء، فهو لا يفهم معنى الحرية والمساواة.
---
عن صحيفة نهضة مصر.
-الصورة الأولى لغلاف تقرير هيومان رايتس الأخير عن اكراد سووريا
- صورة للباحث الكردي جهاد صالح
-صورة لأحد القتلى من اكراد سوريا على يد السلطات هناك- 2008 - موقع عفرين

S C