السبت، 5 يونيو 2010

هيلين توماس ..كلمة تثير عليك كل هذه العاصفة

عميدة صحافيي البيت الأبيض: كانت محل تقدير قبل أسبوع بعد سؤال لاذع لأوباما، واليوم تتهم بمعاداة السامية!
كتبت أميرة الطحاوي*
(1)
اهتمت تعليقات صحافية غربية في السابع والعشرين من شهر مايو آيار الفائت بسؤال من صحافية أمريكية مخضرمة فاجئت به أوباما: لماذا نحن في أفغانستان. بسبب البترول. طالبة من ألا يرد عليها "بتبريرات بوشية- نسبة لسابقه بوش". إنها هيلين توماس، عميدة الصحافيين في البيت الأبيض.  
ساعتها وصفها الكثيرون هناك بأنها تسأل السؤال الصحيح وأنها شجاعة، وأحرجت أوباما، وقالت ما يريد قوله كثير من الأمريكيين وأنها ...الخ
لسبب ما لم يرد ذكر هذه القصة في الإعلام المصري والعربي الهمام (ولو في باب المنوعات!) رغم أنها افتخرت غير مرة بأصولها اللبنانية حيث ولدت لمهاجر لبناني قدم ليلحق بأشقائه في أمريكا عام 1890 (العقد قبل الأخير من القرن التاسع عشر!) ولم يكن يتعدى السابعة عشر من عمره. ولدت  وعاشت هي في أمريكا طيلة عمرها(90 عاما) 
(2)
وفي الثاني من يونيوحزيران الجاري عقبت في مؤتمر للمتحدث الإعلامي باسم الإدارة الأمريكية وبعد مجزرة أسطول الحرية: واصفة موقف بلادها  منذ البداية من المجزرة "كجريمة دولية ومجزرة متعمدة"، بأنه "موقف يرثى له.. ماذا تعني بقولك إنك تأسف لما كان من الواجب إدانته بشدة وصرامة أكثر؟ وأي علاقة متينة لنا مع دولة تتعمد قتل الناس وتحاصر أي نجدة لهم وتحاصرهم..الأسف لن يعيد الحياة لمن قتلوا."
(3) 
أمس الأول وعبر يوتيوب وضع "أحدهم" مقطعاً من دقيقتين تقريبا تقول فيه هيلين توماس أنه على "إسرائيل" أن تخرج من فلسطين فهي – أي فلسطين - فلسطينية، وعندما أردف المذيع متسائلا أين يذهب "اليهود"، ردت أن عليهم أن "يذهبوا إلى موطنهم - إلى بولندا، ألمانيا والى أميركا وأي مكان آخر ". وهو ما اعتذرت عنه لاحقاً.
ومع هذا كان أول تعليق هو القول بأنها تريد من "اليهود" ككل أن يعودوا إلى "ألمانيا" تحديدا حيث أشهر ذكريات الهولوكوست المريرة.ثم بدأت حملة طوال اليوم ضدها.
اتهمت فورا بأنها معادية للسامية رغم أنها لم تذكر اليهود كأتباع دين بشر.  لم تدع لأي اعتداء أو إساءة ضدهم. لم تعمم. قالت فقط اقتراحا (ربما متأخر لعقود وربما لأسباب مختلفة غير قابل للتطبيق أو التحشيد حوله حالياً، وظني أنها لم تكن جادة بمعنى الكلمة؛ إذ لم تتطرق مثلا لجيل وآخر ولدوا في اسرائيل) المهم اقتراحها ببساطة لم يتعد جملة واحدة: أن يعود الإسرائيليون "اليهود المهاجرون لفلسطين" من حيث أتوا (لاحظ أن الهجرة لإسرائيل لا تشمل فقط من أتوا هربا من اضطهاد هتلر في أوان الحرب العالمية الثانية وقبلها، أو من أرغموا بطرق عدةأو اختاروا الرحيل من بلدانهم العربية الى اسرائيل بعد اعلانها بفترة، فرغم أن هتلر مات وشبع موتاً لكن الهجرة اليهودية لاسرائيل لم تتوقف للآن:حيث تحصل قادماً من أي مكان بالعالم على الجنسية في بلد لم ترها طوال حياتك لمجرد انك يهودي!، بينما يطرد العربي منها والذي ربما لم يغادرها لا هو لا أجداده طوال قرون خلت..مضايقات لا تحصى لمن بقوا من عرب 48 ، وحيث يمكن أن تفقد حق الإقامة في القدس مثلا لو سافر لفترة ما الخ، يهذبون وصف كل هذا فيسمونه تغييرا ديموجرافيا وتهجيرا قسريا وتشتيت شعب واسر بكاملها كل إلى بلد ليحل محلهم يهود.)
 تصريح ورد على سؤال جعل التهم والاهانات تتوالى على السيدة توماس  "عودي لترتدي النقاب في بلادك. انها معادية للسامية. سنرسلك إلى لبنان مع أصدقائك من حماس(!) . عجوز تخرف. لا تفهم التاريخ اليهودي (سارة بالين هي صاحبة هذه الصفة..سارة العبقرية.. تتذكرونها طبعا ) ومطالب واستفتاءات على طرد توماس من بلدها أمريكا،  وتوقيعات لطردها من الهيئة الإعلامية التي لازالت على قوتها الوظيفية. ثم عبارات من قبيل: لقد ظهرت على حقيقتها. انها مثل كل العرب يكرهون اليهودقبيحة كما ياسر عرفات.  ثم بعض الصور التي تقرنها بهتلر نفسه!  وأخرى تستبدل بصورتها رفقة الرئيس الامريكي الحالي أوباما حيث كان يحتفل بعيد ميلادها العام الماضي صورة الرئيس الإيراني احمدي نجاد.
ومع ذلك وخلال ساعات تستمر وتستعر الحملة ضدها.. آلاف التعليقات، وبعضها يحشر مقارنة عنصرية بين ما حدث اليوم مثلا للسفينة راشيل كوري وما حدث قبل 5 أيام لسفينة مرمرة الزرقاء: "قارنوا بين عنف المسلمين وبين تحضر مسيحي ايرلندا".  ودعوة لسحب مقعدها "الصحفي" الدائم في البيت الأبيض. وعدة مقالات عن اليهود المساكين في اسرائيل الذين يحيط بهم العرب ويريدون قتلهم.ولماذا نبقي عرباً ومسلمين في أمريكا؟
هنا فيض من هذه اللعنات على من كانت محل تقدير قبل أيام.
جلبة غطت على شيء آخر وتهويل لتصريح أو  اقتراح ربما كان من عفو الخاطر، وليس حملة منظمة او تحريض على القتل والتهجير وتغيير الطبيعة السكانية لبلد وتشتيت وإبادة أمة. 
حقا قد تفعل الآلة الإعلامية وجماعات الضغط ما تعجز عنه ترسنة الأسلحة أيا كان تحفز وترصد هذا الإعلام فسيبقى فاعلاً مؤثراً.أما إعلامنا قديمه وجديده فسيبقى يراوح مكانه طويلاً طالما لا يؤتي أثراً.
الصورة الأخيرة 1u0mmtعن تويتبيك 

S C