بتنا ليلتنا في نقابة الصحافيين حتي يمكننا ان نلوح لهم بايدينا في الغد عندما يمر اثنان منهم للمحكمة التأديبية دون ان يمنعنا الامن من الوصول للمنطقة برمتها، كنت قد عدت للنقابة ايضا ليلتها في السادسة مساء مع زميل نقابي/ عمالي بعد فشل مظاهرة (حق عليها الفشل) في احدى مناطق القليوبية لدعوة المواطنين للانضمام لفعالية مؤيدة للقضاة..نفكر كيف وصل الامر لامن القليوبية ليبعثوا لنا بهذه الاعداد المهولة من الجنود والعسكر في ازياء رسمية مختلفة، وتساءل هو بحكم انه "عنصر" عمن يكون من بين الثلاثة الذين تخلفوا فجأة -بمن فيهم ابن المحافظة نفسها- قد ابلغ عن البقية، تركنا ثالث في الطريق؛ فهو لم يكن مرتاحا لفكرة "نصرة القضاة"..ولا انها قادرة على تجميع المواطنين حولها.
التوقيت مايو ٢٠٠٦ والنظام لتوه قد بدأ منذ نهاية ابريل في قمع المظاهرات بعد ان امضينا نحو عام ونصف في مناخ متسامح نسبيا مع غالبها (ده احنا كنا ساعات بنظم المرور بنفسنا ونغير اتجاهاته) خاصة بعد السفالة المشهودة يوم الاستفتاء على تعديل الدستور والاعتداء على الفتيات، كانت آيام.
لقد كانت تلك الفعاليات المساندة للقضاة محل جدل واجتهاد من كثيرين حول قيمتها وفعاليتها في خدمة حراك سياسي نحو التغيير، ولكن جدلنا لم يستمر سوى لفترة قصيرة وقتها، وكان فتور البعض راجعا لوجود تيار - ليس غالبا لكنه واضح - اسلامي التوجه بين القضاة انفسهم . او بحكم ان حركة معارضة لا ينتظر منها أن تتفرغ لمناصرة سلطة ما في مطالبتها بامتيازات مهنية بمواجهة سلطة أخرى، او كيلا يتم احراج القضاة أنفسهم؛ اتذكر أن هذا السبب مثلا أول ما قلته شخصيا امام نادي القضاة في الليلة الاولى لاعتصامهم في ٢٠ ابريل ٢٠٠٦ بعد ان عدنا من مظاهرة للوحدة الوطنية دعت لها الحملة الشعبية من أجل التغيير واطلقت من شبرا لنجد دعوة بالاعتصام، وربما لأن توقع "الكثير" من حركة القضاة - كأن يدعموا بالمثل مطالب اصلاحية عامة بالبلاد- لم يُفض في النهاية سوى للقليل، وربما بحكم طبيعة السلطة التي يمثلونها بالاساس.ان جدلا مشابها يدور الآن حول "البرادعي" .. ما هي حدود توقعاتنا وآمالنا في دكتور محمد البرادعي.
فمشاعر الفرح بوجود أمل وراء اي شخصية معارضة "نظيفة ومتزنة" يجب ان يُستثمر .. لا اقول الكثير هنا حول البرادعي نفسه. فقط اذكر ان التهم السمجة التي حاولت حكومتنا الصاقها به كلها مهلهلة ومثيرة للشفقة؛ الشفقة على من اطلقها .. ويمكن لأي متابع منصف ان يفندها بالادلة. والعجيب ان البعض ممن حسبوا معارضة يرددونها ضمن اسباب اخرى ضد الرجل وهم لا يعرفون شيئا عنه وتصريحاته القليلة لا يوجد بها ما يمكن الاعتراض عليه (لا تنتظروا منه اعلان الثورة ..يمكنكم انتم ان تعلنوها وتقومون بها بانفسكم).
في الصباح بنقابة الصحافيين كان المشهد مؤثرا بحق، الكل يجري على سلم النقابة بينما أحمل الورود التي اشتراها استاذ محمد عبد القدوس منذ الامس وتركها معنا، انا وسمسمة وصديق ثالث من تجمع يد. لم افوت الفرصة طبعا (اتصورت مع الورد ليلتها، هو كل يوم هانلاقي ورد حلو كده) قبل ان نبدأ بتنظيفه من الاشواك ثم القائه صباحا على القضاة. بمجرد ان ظهر القضاة ارتفع صوت الطبول بشدة كما الهتافات. اهم .. مكي اهو وبسطاويسي. وهجم من هجم على الورد. و وفوجئت بزميل "وجيه" يشتهر بانه يرتدي البدلة في كل فصول السنة يجري ايضا ليسلم ولو بطرف يديه على القضاة رغم السياج الامني حول النقابة دافعا كل من امامه. وسقطت نظارته الطبية واتبهدل الجاكت ثم...ثم بكى من شدة التأثر وربما الفرحة ! . واستمر الاحتفال بعد أن ابتعد القضاة الذاهبون للمحاكمة وعندما عادوا. هذه الحالة لا يجب ابدا تسخيفها او التقليل منها.
ما اخشاه ايضا ان نتصور ان استقبالنا للرجل سيحدد له خياراته في الترشح من عدمه.. او ان ترشحه سيأتي بالكثير..
في نقاش مع رقبة قزازة نتفق أن أضعف السبل ألا نبدي تجاهلا لشخص "نظيف" يحاول التغيير "صحيح موش ها ينجح بسبب حماقات المعارضة ال... واه خسارته قد تدعم النظام اكتر، بس منقدرش نمنع المحاولة ..من يدري فقد تصيب"
سنرى... والف حمد الله ع السلامة يا دكتور