الأربعاء، 10 فبراير 2010

ثم اسقطوا الرشوة من الجلباب

أحضر لنقابة الصحافيين في الرابعة تقريبا، لم يصل أحد بعد، الأستاذ محمد عبد القدوس بالمايكروفون الشهير معلنا أن أهالي منشية ناصر يخشون تكرار مآساة الدويقة بعد تصدعات حدثت بمنارلهم مؤخرا، وأنهم في طريقهم للنقابة؛ يمكنك هنا تفسير وجود العربات الخضراء السبعة - أمن مركزي - في شارع رمسيس، يقول أحد الزملاء أن الأمن منع الرجال من القدوم "للوقفة الاحتجاجية" . وستقول النساء ان الرجال يخشون "البهدلة" فيرسلون عادةً اثنين أو ثلاثة بصحبتهن مثلما حدث الاسبوع الماضي في وقفتهم أمام مبنى محافظة القاهرة مطالبين بمساكن بديلة.
بعد ساعة تقريبا تأتي نحو ٣٠ سيدة بعضهن اصطحب أطفاله، القصة علي ما قالوه لي: أنه في ٢٧ ديسمبر حضر موظفون مختصون - من شركة المقاولون العرب-  لتهذيب صخور في منطقتهم بمنشة ناصر ولثلاثة أيام لكنهم لم ينتهوا من صخرتين باقيتين كان مقررا التعامل معهما، فقد حدثت تصدعات أكثر!..فــ"أخدوا بعضهم ومشيوا" . فلا أكملوا المهمة ولا عالجوا ما أحدثوا. هكذا ببساطة!
في يناير تقدم الأهالي بطلبات للحي والمحافظة ونائب دائرتهم "حيدر بغدادي" للحصول على مساكن بديلة، خاصة أن ٧٠ شقة كانت "طالعة باساميهم" العام الماضي وزعت على آخرين عن طريق النائب نفسه. في صباح اليوم ٩ فبراير فوجيء الأهالي بحارة الطحاوية بشارع المعدسة بالمنشية بمسئولي الحي يمرون على شارع المهندس البعيد عن منطقة الصخور - المهذبة وتلك التي لم تزل بعد غير مهذبة- ويكتبون أسماءهم لاكمال اجراءات تقدمهم للحصول على شقق في مساكن المستقبل- ماما سوزان.
تحركوا اذن لأنهم يدركون ألا شيء سيصلح بعد أن يتم تخصيص مساكن لمن لا يستحق، تخبرك النساء أن أصحاب البيوت في شارع المهندس البعيـد يدفعون رشاوى لبعض مهندسي الحي والموظفين للحصول على شقق  "بيحطوا الفلوس ف سيالة الجلابية - لامواخذة-  وينزلوها ع الارض" هذه قالها رجل ..كام؟ "عشر تلاف لكل عيلة".لا يملك أهالي شارع المعدسة المعرضون للخطر بالفعل ما يدفعونه لدفع الخطر.
عدد العوائل المتضررة في الحارة بقرب الصخور القابلة للسقوط والمتصدعة الآن أكثر من ١٠٠ عائلة،  يقطنون ٢١  منزلا، بعضها من دورين والبعض من ٣-٤ أدوار. يواصل هؤلاء المطالبة بحقهم في سكن آمن، كل أسبوع تقريبا يقومون بـ"لفة" على المكاتب الادارية او وقفة امام المحافظة او من يتصورون أنهم مسؤولين منهم/ بالفصحى مسؤولون عنهم. هذه المرة تظاهروا لأنهم يريدون ألا يحصل آخرون على حق ليس لهم..حق مقتطع أساساً من نصيبهم، ويجور عليهم عندما تصور كاميرات التلفزيون صور تسليم الشقق لمن لا يتستحق..تظاهروا كيلا تكون الرشوة هي الوسيلة الوحيدة للحصول على سكن آمن في هذا البلد. هكذا أفهم ما قاموا به اليوم مثلا.
تنتهي الوقفة بعدما يطلب الأستاذ عبد القدوس منهم ذلك .. يبدو منهكا أكثر مما شاهدته قبل أيام في وقفة المطالبة بالافراج عن المعتقلين ومنهم مسعد ابو فجر ومجدي حسين.. بمجرد ما أرى هذا الرجل أشعر بطمأنينة لا تبددها سوى تأمل علامات المرض والسن التي تهاجمه..يقول لهم "تعالوا بكره الصبح" .. يتابع الوقفة المفاجئة ٣ صحافيين، أتذكر فجأة لميس الحديدي التي كنت أراها في زيارة زملاء بالعلف اليوم وهي تقول باستنكار او ربما تساؤل حقيقي "وبتوع الدويقة يتظاهروا علي سلالم النقابة ليه" . تذهب النساء فاذهب أيضا، ولم أجب على سؤال احداهن عن الصحف التي تكتب عن تسليم شقق جديدة لمتضرري الدويقة، ولكن " انتوا موش ها تكتبوا عن الرشوه كمان "
بعد حادث الدويقة كنت في زيارة "خفيفة" لمساكن سوزان مبارك، تحت بير السلم كانت تجلس سيدة عجوز يغطي السواد جروحها بعد ان تهدم منزلها / المكون من طابقين / عليها، فهمت بصعوبة انهم لم يعطوها شقة، وانها ارملة وكانت تعيش على ايجار الشقة الوحيدة بالمنزل فيما تعيش هي وحيدة في الشقة/ الدور الأول. بعد ان جاء الابن للاطمئنان علي والدته سافر لبني سويف حيث يحتفظ عند اهل زوجته بأي ورق - ميري، سافر تاركا أمه في العراء - ماذا سيفعل؟ - ليحضر اوراقا طلبها الموظفون المحترمون لاثبات انها كانت هنا.. لم تشفع لها جروحها ولا تسجيلها في عداد المصابين الذين نقلتهم سيارات الاسعاف من تحت الانقاض في ان يعطوها مكانا ولو لتبيت فيه، اخرجوها من المستشفى لأن حالتها ليست خطيرة، المح عدم الخطورة في فهما المهشم وكم الجروح التي بالكاد مستها محاليل التعقيم. واعرف ان الثلاين سيدة اللاتي تظاهرن اليوم امام النقابة - لنكن زكثر دقة: من سيتبقى منهن على قيد الحياة- سيُترَكن في العراء امام  الأمَـلَـة - مساكن المستقبل، او تحت بير سلالمها،  الى ان يعود من تبقى من عوائلهن حيا بما يثبت أنهن كنا هنا ..
ما قلنا عاوزة ثورة يا بلادي
اقرأ ايضا:
http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=59944&SecID=230

S C