الأربعاء، 28 أكتوبر 2009

قميص واقٍ من الرصاص

مصباح قطب يكتب.
قميص واقٍ من الرصاص.
الحقد الذي استقبل به الجمهوريون فى الولايات المتحدة فوز أوباما بجائزة نوبل للسلام يدعوك للتساؤل :هل كان لزاما أن تذهب لواحد من عصابة بوش / ديك تشيني حتى يهنأ هؤلاء ؟ ومنذ متى يعترض مثلهم على تسييس نوبل وهم من ساند تسييسها طوال تاريخها نكاية فى الشيوعية خاصة فى مجالي الآداب والسلام ؟ وإذا كان من الطبيعي أن يقول القائلون فى مصر والعالم العربي أن أوباما لازال في منطقة الشحرورة : كلام كلام وبس ما بخدش منك غير كلام فان من غير الطبيعي أن ينتقد فوزه خصومه الجمهوريون باستخدام نفس الحجج بل وان يتوسع إعلامهم في النقل عن المصادر المصرية والعربية لتأكيد ذلك المعنى.

لم نسمع أن الجمهوريين كانوا يريدونه أن ينجز على ارض الواقع فى قضايا وقف المستوطنات و السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ونزع السلاح النووي من إيران و إسرائيل وغيرهما والانسحاب من أفغانستان والعراق ثم ا نهم هم مشعلو الحرائق العسكرية والمالية فى العالم والتي أفضت إلى الكثير مما تعانيه البشرية من كرب .

لازال المرء يصاب بالذهول وهو يتذكر شرائط لقاءات بوش الابن مع قادة جمهوريين وأعضاء كونجرس ورجال مال فى مناسبات مختلفة وكيف كانوا يصفقون لهذا المعتوه الجاهل – وقوفا غالبا - إلى حد بلغ 37 مرة فى احد تلك اللقاءات ويتساءل هل ننتظر إنصافا من هؤلاء بحق أوباما أو غير أوباما ؟... وبإمارة إيه يحتج أولئك على منح الجائزة لرئيس بلادهم الذي لا ينكر أيا من أعتى خصومه انه عاقل وأخلاقي ومتعلم وموهوب .

لقد وصل الإسفاف في الهجوم علي أوباما قبل وبعد الجائزة حدا لا يصدق وطال كل ما يحاول عمله حتى نظام التطعيم ضد الأنفلونزا وانحدر إلى لغة لا تفترق كثيرا عن لغة عبده مغربي وأشباهه و لقد لفت نظري إعلان الكاتب القدير الغامض توماس فريدمان قبل فوز أوباما بالجائزة مباشرة انه يخشى أن يؤدى استمرار وتصاعد التحريض الذي يقوم به الجمهوريون ضد أوباما إلى اغتياله معيدا بذلك المخاوف التي سادت العالم قبيل انتخاب أوباما وبعد فوزه .

ليس مطلوبا منا أن نساند أوباما عندا في الجمهوريين فلنا مصالحنا ومن حقنا أن نتخذ المواقف التي تنسجم معها وليس مطلوبا أيضا التنازل عن الانتقادات ضده لمجرد أن اليمين المحافظ يستخدمها حجة عليه لكن من الأهمية قراءة الجوانب التي تهمنا في الخلافات بين أوباما ومعسكر المحافظين فى أمريكا فالغل الذي يشحنهم حياله سببه الأساسي موقفه إزاء رجال حي المال والبنوك والبورصات ( وول ستريت ) وقد وصلت الكراهية الدفينة والظاهرة ضده إلى محطة ذروة فور إعلانه منذ أيام الشروع بتأسيس جهاز يحمى مصلحة مستهلكي الخدمات المالية ويمنع التلاعب فى العقود المالية و سعر الفائدة فيما يحصلون عليه من تمويل .

اليمين الجهول الذي صدعنا بالقول أن الدولة لا يجب أن تكون لاعبا مباشرا أو خصما وحكما فى الاقتصاد وان دورها هو أن تكون " رجيليتور" فقط – رقيب ومنظم – هو ذاته الذي انتفض ضد ذلك الجهاز وهو ليس إلا أول محاولة جادة لجعل الرقابة المالية فعالة .

فى العالم الثالث نرى أن الإصلاحات المالية في أمريكا ليست كافية بل ونرى أن إدارة أوباما عطلت عمل إصلاح أكثر جذرية للنظام المالي العالمي ومع ذلك فجماعة بوش لم ترحمه ولم يعد ينقص حفلة الغضب الأسود عليه إلا الدم الذي يأملون أن يريقه أي مأفون من العنصريين البيض أو سواهم. اننى ممن يظنون أن قضية فلسطين لن تجد الحل العادل إلا إذا انتصر أوباما على مافيا وول ستريت ومن الأسف أن ذلك الربط غير واضح فى العالم العربي ربما لان بلادنا كلها امتلأت ب " الوول ستريتيون" كما إننا حين نقول أن الصهيونية تسيطر على بيوت المال والذهب والنقد فى العالم لا نربط بين محاولة الحد من تلك السيطرة ( كالتي يقوم بها أوباما ) وبين خدمة قضيتنا فى فلسطين.

أوباما قد يضيع لان مصاصي مئات المليارات لن يقولوا له : مادام انت راجل بتعمل لمصلحة أمريكا فاللي تؤمر بيه ياباشا ، ولما تقدم قد تكون جائزة نوبل فى تلك اللحظة محاولة استباقية من السويد أو أوروبا وقبل فوات الأوان ( استخدام رئيس لجنة نوبل هذا التعبير دون أن يوضح المقصود به ) لمنح أوباما في هذا الظرف ما يشبه أن يكون قميصا واقيا من الرصاص قد ينفعه أو يجعل رافضيه يخففون من غلوائهم أو يؤمن له قدرا من الحماية المعنوية التي تحول دون اغتياله أو حتى ليذهب إلى الدار الآخرة مكللا بالفخر !!!!
الصورة عن مجلة تايم الأمريكية

مصباح قطب messbahkotb@yahoo.com

الأحد، 25 أكتوبر 2009

لا تطالبوهم إذن بالتظاهر لأجل فلسطين

منذ فترة أصابني مس مشاهدة الأفلام الوثائقية، بحثت في قاعدة للأفلام عن الأكثر تفضيلا أو مشاهدة، وحيث أن المحتوى العربي على الانترنت ضئيل، فقد كان معظم الأفلام غربية أو أمريكية، وكلما استعرضت معلومات عن فيلم يحظى بالتقييم الأعلى وجدت أنه إما يتعرض لحياة فريق موسيقي شهير بالغرب،أو حقوق المثليين جنسياً أو معاناة اليهود والهولوكست.

من الفئة الأخيرة اخترت بضعة أفلام: هذا موضوعي للغاية، وهذا زاعق يلطم أو يتوعد، وذاك مضلل باحتراف وآخر مضلل أيضاً ولكن بصورة مكشوفة، وخامس يقدم الحقيقة وإن خلت لغته الفنية من الجاذبية المفترضة، ثم آخر جذاب وأخاذ و....و.... لكن السم كان في العسل.

فكرت في موقفناهنا من المحرقة: هل حدثت، هل بنفس الأرقام المعلن عنها، هل تبالغ إسرائيل في توظيفها كفزاعة وورقة ضغط ضد الجميع؟ ما المشكلة في أن من قاموا بها يعتذرون- لسنا من فعلها على أية حال، ثم ما المانع إدانتها كونها تنطوي على إبادة وتحمل ظلماً لأناس ينتمون لدين (وبالمثل عرق أو مذهب) آخر؟

نهايته: علق مؤخراً اثنان من الكتاب المصريين على زيارة قام بها الكاتب المعروف محمد حسنين هيكل للنصب التذكاري لليهود ضحايا المحرقة النازية. قال الأول وهو مختص بالشئون الفلسطينية أن هيكل مخطيء ومطبع مع إسرائيل(والتي لم تكن موجودة وقت المحرقة)، وأن "العربي ليس ملزمًا أن يتعاطف مع جريمة ارتكبها هتلر ضد يهود في الغرب، وبالتالي هي جريمة تخصهم ولسنا طرفا فيها، وبالتالي ليس مطلوبا منا أن نزور مقابرهم أو معابدهم" في الحقيقة النصب التذكاري شيء له معنى رمزي، والمقابر والمعابد شيء آخر، ونحن نطالب العالم غربا وشرقا بالتضامن مع الفلسطينيين رغم أننا نعرف جيدا أن ليس كل هذا العالم بالضرورة يساند إسرائيل أو يشاركها جرائمها، لكن ما علينا، فقد أضاف المعلق ببساطة أن "الهولوكوست أكذوبة ".

عندما كنا في حركة كفاية المعارضة للتوريث ولتميد الحكم للرئيس المصري الحالي - وأعني عندما كنا فقط نتظاهر ونشارك في فعالياتها بالشارع أو نقدم بعض أفكار هنا ومساندات هناك الخ - وبعد أن قام الأمن المصري بضرب وسحل المتظاهرين والاعتداء بخسة على الفتيات والتحرش بهن العام 2005، قام كوريون - أي من دولة كوريا التي في قارة آسيا- بالتظاهر ضد هذا الظلم الواقع على مصريين، ونقل الإعلام الغربي صور وفيديو تضامنهم مع الناشطين في مصر التي كما قد نعلم تقع في أفريقيا، خفف هذا التضامن عنا، شعرنا أن هناك من يساندنا حتى لو كان في آخر القارة الآسيوية، كما ساهمت مظاهرتهم تلك بتعريف قطاع من العالم بما يحدث هنا، ورغم أن بعض التعليقات التي ظهرت وقتها من سياسيين مصريين أشارت إلى أن هؤلاء المتظاهرين الكوريين كانوا من التيار الفلاني أو العلاني، لكن المشترك بينهم حقاً أنهم شاهدوا الظلم يحدث في مكان فقالوا كلمتهم وبطريقتهم.

جزاهم الله خيرا ومردودة لهم إن شاء الله !

لكن يبدو أنهم مخطئون أيضاً، فهذا مسئول في حركة كفاية، يعلق أيضا على فعلة هيكل، وبعد أن يكرر بدوره أن الهولوكوست أكذوبة، يقول: لم نكن طرفا في هذه القضية، وبما أن العار يلحق الحضارة الغربية لا العرب، فإن كل هذا يمنع العربي من التعاطف مع هذه القضية.

وبهذا تكون كل فعالية تبدي تعاطفا مع مقهورين خارج حدودنا خطأ كبير، وكل دولة تقف بجوار أخرى معتقدة أنها تناصرها في نيل حقوقها مخطئة، وفعاليات وتظاهرات مساندة الشعوب وحركات التحرر الوطني خاصة في الستينات كلام فارغ لأنه تدخل في أمر لم نتورط فيه وحدث خارج حدود بلدنا. وتصبح مقولة العالم قرية صغيرة كذبة كبيرة.
يبقى أن الهولوكوست حقيقة، موقفنا من عنصرية إسرائيل ومتاجرتها بها لا يلغي حقيقة وجودها.

نجادل أن هناك مبالغة حول تفاصيلها أو بواعثها: أي حول تعرض اليهود فقط لها أو حول أعداد الضحايا: لكن ولا هذا أيضا يعني أن المذبحة لم تحدث.

نحن لم نقم به: صحيح، فأظن أن الألمان قاموا به ونحن مصريون وعرب ومسلمون نعيش في قارة أخرى غير التي بها ألمانيا، لكن لا يجعلنا هذا ننكر الحدث، أو لسبب آخر اليهود استثمروه ليتحول الضحية لجلاد في مكان آخر، وتخرج أوربا زي الشعرة م العجينة وديتها تدفع تعويضات.ونحن أيضاً لا يجب تحمل نتائجه. ليس مطلوب تعاطفنا فهذه ليست من الأولويات لكن لا نجرمه. وأن نرفض التعبير عن التعاطف مع أي مجموعة بشرية تعرضت للظلم لمجرد أننا لسنا من قام به ينطوي على خداع منطقي: تعاطفنا لا يحمل شبهة اشتراك في الظلم ولا تحميلا لنا بدفع نتائجه أو التعويض عنها.

أما المحكمة التي أقامها البعض لهيكل لزيارته للنصب التذكاري وباستخدام تلك الذرائع، فمعناه أننا لا نريد لأوربي أو غربي أو آسيوي أو أفريقي أن يتعاطف مع الفلسطينيين ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولا المصريين ضد سادية الشرطة، ولا العراقيين بمواجهة الاحتلال أو العنف باسم الدين والمقاومة، الخ.

فإذا كان قراركم مهاجمة هيكل رغم أنه من نفس التيار الذي تصطفون فيه وطالما رغبتم في هذا، فافعلوا ولكن تخيروا السبل؛ فهو يقول أيضاً الكثير مما قد يقنع أحياناً، لكنه يقول أيضاً ما يجذب ويبهر أكثر مما يقنع، ويبقى مثار جدل، تماما مثل الأفلام التي تتناول الهولوكوست!.

22 أكتوبر 2009

الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

لبنى حسين تسعى لمقاضاة رئيس البرلمان السوداني

تقدمت الاستاذة لبنى احمد حسين ( الصحفية السودانية التي حكم عليها بالجلد لارتدائها بنطالا!) بعريضة دعوى جنائية ضد السيد احمد ابراهيم الطاهر امام نيابة الخرطوم شمال ، أمس الثاثاء 20 اكتوبر تطالب فيها برفع الحصانة عن رئيس المجلس الوطني (البرلمان) لاتخاذ اجراءات جنائية ضده على خلفية حوار اجرى بصحيفة الشرق القطرية مع الاستاذ الطاهر واعيد نشره بصحيفة الوطن بتاريخ الاحد 18 اكتوبر حيث اتهم في المقابلة المذكورة الاستاذة لبنى بالسلوك الشائن وبانها كانت ترتدي ملابس لا تتماشى مع الاخلاق والقيم على حد تعبيره .

واليكم نص الطلب المرفوع من الاستاذة لبنى ضد الاستاذ احمد ابراهيم الطاهر والمرفق مع عريضة الدعوى الجنائية والموجه للسادة اعضاء المجلس الوطني كما وصلني من الاخ الصديق الصحفي والناشط عبد المنعم سليمان:(عن موقع سودانيل)
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة اعضاء المجلس الوطني الافاضل ..
تحيات طيبات مباركات
الموضوع : ( طلب رفع الحصانة عن رئيس المجلس الوطني لاتخاذ اجراءات جنائية ضده)
بالاشارة للموضوع اعلاه ووفقا لصلاحيات مجلسكم المخول برفع الحصانة عن رئيس البرلمان
وحيث ان المذكور اعلاه اجرى مقابلة بصحيفة الشرق القطرية واعيد نشرها بصحيفة الوطن تطرق فيها لقضيتي .
وحيث ان المذكور اتهمني في المقابلة بالسلوك الشائن وبانني كنت ارتدي ملابس لا تتماشى مع الاخلاق والقيم .
وحيث ان المذكور لم يكن شاهدا ولم يكن متابعا للقضية (كما ذكر بنفسه في المقابلة) رغم ذلك نقل اقوال في محكمة مطعون ضدها ولم تنتهي مراحل التقاضي بعد .
وحيث انني تقدمت بطعن لمحكمة الاستئناف لفحص اجراءات محاكمتي لتضارب اقوال شهود الاتهام نفسهم , ولانني حرمت من حق الدفاع ولم يصدر الحكم النهائي بعد .
وحيث ان المذكور رئيسا للبرلمان كان اولى له التزام الصمت او الحرص على حق المواطن في المحاكمة العادلة وحقه في الدفاع عن نفسه ولو كان متهما في جريمة قتل او جرائم حرب او اغتصاب وتهجير قسري . وحيث ان كل ذلك يؤثر على سير العدالة ويسبب لي اشانة سمعة وضررا بالغا في كل المستويات .
فانني حرصا على الحق اطلب من سيادتكم رفع الحصانة عن رئيس المجلس الوطني تمهيدا لاتخاذ اجراءات جنائية ضده وفقا للمواد 159/115/105/89من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م(الذي لم يعدل بعد)
والله ولي التوفيق
لبنى احمد حسين
الخرطوم 20اكتوبر2009م

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2009

ساندوا مواطني دارفور المعتصمين بسجن القناطر

تحديث:
http://www.sudaneseonline.com/ar1/publish/article_1332.shtml
يواصل لاجئون وملتمسو حماية ومواطنون سودانيون من إقليم دارفور اعتصامهم بسجن القناطر في مصر لليوم التاسع على التوالي احتجاجا على توقيفهم منذ أشهر(ولأكثر من عام في بعض الحالات) دون توجيه اتهامات أو بسبب استمرار حبسهم رغم تمضيتهم مدة العقوبة المقررة عليهم لدخولهم البلاد بصورة غير مشروعة.
في الخبرين أدناه تفاصيل الأمر، وقد فشلت جهود لاعادة بعضهم للسودان الخميس الماضي، وبانتظار أي جهد لمساعدة هؤلاء قانونيا ولدفع الجهات المعنية ( المفوضية السامية لشئون اللاجئين ، السفارة السودانية بالقاهرة أيضا وغيرها ) لحل مشكلتهم و تسهيل إعادتهم لبلادهم حسب مطلبهم.
-تصوري ان الحقوقيين يمكنهم متابعة ملفات كل حالة من الناحية القانونية، فيما يجب الضغط على مفوضية اللاجئين للقيام بدورها لمقابلة هؤلاء خاصة حملة البطاقة الصفراء من ملتمسي الحماية.
-كما يرجى من المراكز الحقوقية المعنية بالتعذيب والحقوق الصحية متابعة الحالة الصحية لهم خاصة ان فيهم قصر - دون السن القانوني.

مع الشكر
أميرة الطحاوي
ملحوظة - مصدر الخبرين هو (مركز دراسات السودان المعاصر)
sudan_contemporary@yahoo.c
om

1- سودانيون نزلاء سجن القناطر بالقاهرة يدخلون يومهم الرابع من الاعتصام احتجاجا على اوضاعهم



نحو اربعين نزيلا من السودانين بسجن القناطر غرب القاهرة .و جميعهم من اقليم دارفور المضطرب غربي السودان يدخلون يومهم الرابع من الاعتصام بحلول صباح الاربعاء 15 اكتوبر ؛وذلك احتجاجا على سؤ وضعهم ؛ وسؤ معاملتهم من قبل السلطات على حد قولهم ؛ ولبقاءهم في السجن لفترات تتراوح بين شهرين الى 14 شهرا دون محاكمة او النظر في امرهم .

ودابت السلطات المحلية المصرية طول العام الجاري على القاء القبض على عدد من السودانين وجنسيات افريقية مختلفة ووضعهم في سجونها بتهم تتعلق بالتسلل عبر الحدود الى دولة اسرائيل ؛ او الدخول الى اراضيها والبقاء بطرق غير مشروعة .

برغم اتهاها من قبل النزلاء دون محاكمات بتجاهل النظر في قضاياهم وتحسين وضعهم ؛ لكن السلطات المصري قامت بابعاد العدد الكبير من السودانين بالذات وتسليهم الى حكومة بلادهم خلال العام ؛ لكن بعد مضي فترات طويلة لبعضهم في السجون بالقاهرة او اسوان او العريش.

بعض نزلاء سجن القناطر من السودان والمعتصمين كانوا قد القى القبض عليهم بعد محاولتهم التسلل عبر الحدود الليبية الى مصر ؛لكن حملة الاعتصام لم يشمل النزلاء الذين صدر حكما بحقهم والذين يقضون فترات عقوبتهم بسجن القناطر ايضا من حملة الجنسية السودانية . اما بعض المعتصمين فحالاتهم ملحة اذ تجاوزوا ست اشهر بعد انقضاء فترات الاحكام التي صدرت بحقهم في اوقات سابقة ؛ ولم تامر السلطات باطلاق سراحهم .

وفيما يرى المعتصمون السودانيون انهم يتعرضون للتجاهل وسؤ المعاملة وانتهاك حقوقهم عمدا اذ تجاوز بقاء بعضهم العام في حالة عبد الله اسماعيل .وسبع اشهر في حالة الطيب حسن ؛ و ثماني اشهر في حالة محمد تيمان ح لا تعلق السلطات المصرية او السودانية على احوالهم .

السلطات المصرية التي لم تعرب عن رايها في هذه المسالة ؛تواصل عمليات جمعهم من الحدود ؛ اوترفض وصول ذوي الضحايا الى جثث القتلى على حدودها مع جارتها اسرائيل ؛ و هذا يزيد من شعور النزلاء المعتصمين واصدقائهم خارج السجن بان السلطات المصرية لا يعرون امرهم اهتماما ؛ ويظهرون رغبة في عدم تقبلهم في اراضها .

في وقت سابق اعربت جهات دولية فروعها في مصر عن عدم قدرتها في مقابلة نزلاء السجون المصرية سودانين وجنسيات افريقية اخرى ؛ لان السلطات المصرية لم تسمح لها بذلك علىحد قولها . والبعض من السجناء لا يدخلون ضمن اختصاصها كما في راي مكتب مفوضية شئون اللاجئين التابعة لمنظمة الامم المتحدة بالقاهرة؛ او انها ممنوعة من العمل في السجون المصري في راي اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي بالقاهرة.



كونهم من درافور سبب

يعتقد المعتصمون من السودانين السجناء في سجن القناطر ان انتمائهم الى غرب السودان سبب كافي لاعتقالهم في بعض البلدان العربية ولا سيما مصر ؛ ولكونهم من اقليم درافور تتعمد جهات كثيرة تجاهلهم وذلك هدف تحققه السلطة السودانية في الخرطوم التي تواصل حرب ابادة ضد سكان الاقليم منذ ست سنوات . غير ان هذا الاتهام في حق بعض البلدان العربية في حاجة الى براهين كثيرة وان تجاهلهم من قبل دولتهم و لا سيما سفارة بلادهم في القاهرة لاسباب تتعلق بانتمائهم الاثني والجهاتي امر مفهوم التبرير .



ذكر بعض المعتصمين من نزلاء سجن القناطر بغضب ان افرادا من الامن السوداني في سفارة السودان بالقاهرة كانت تحضر بعض جلسات التحقيق التي تقوم بها السلطات الامنية المصرية مع المتسلليين السودانين الى ومن اسرائيل؛ وتكمن خطورة هذا النبأ- ان صح- ان السلطات الامنية في مصر تعمل على تمكين الامن السودان من تجميع المعلومات اللازمة عن ضحاياه في اراضيها ؛ وهذا يدفع بفكرة التعاون في الخطر والضرر الذي سيقع على حياة السودانين من اقليم دارفور الذين سيرحلون الى الخرطوم بحسب اتفاق الطرفان المصري والسوداني .



المتسللون وازمة سوداني القاهرة

قضية السودانين المعتصمين بسجن القناطر وثيقة الصلة بالوجود الكبير للسودانين في مصر ؛ و متداخلة بح كبير بقضايا مجتمع اللاجئين السودانين بالقاهرة منذ اكثر من عشرين عاما ؛ و مرتبطة بشكل اساسي بالموقف الاقليمي من الكارثة الانسانية والاخلاقية التي تجري في اقليم دارفور .



لقد القى القبض على اسحاق فضل ورفيقه محمد عبد الله –وهما ضمن المعتصمين بالقناطر - من شهر اوت في هذا العام بمنطقة العريش بشمالي شرق مصر الى جانب الحدود مع دولة اسرائيل .لكن اسحاق فضل الذي ينتمي الى اقليم درافور لم يكن يحاول التسلل الى اسرائيل ؛ فهو يرأس رابطة تكافلية لافراد من قبيلته بالقاهرة ؛ ويتولى إدراة المجلس التشريعي للاتحاد عام ابناء اقليم درافور بالقاهرة ؛ وموقعه هذا من مسئولياته تدفعه للقيام بعدة نشاطات لمساعدة ابناء درافور ؛ ضمنها رحلات الى العريش ومنطقة سيناء من اجل مساعدة الموقفين من قبل السلطات المصرية في الحدود من ابناء دارفور .

اذن ذهابه الى العريش لم يكن للمرة الاولى بشهادة مكتب افريقيا والشرق الاوسط للمساعدة القانونية بالقاهرة ؛ وكذالك مكتب المفوضية السامية للاجئين ؛ ولاسحاق فضل مكانة واسعة بنشاطه التكافلي وسط مجتمع اللاجئين السودانين بالقاهرة والذين يواجهون واقعا صعبا بالمدينة .

في شهر اوت من العام الجاري كان قد ذهبا مع صديقه الى العريش بحثا عن طريقة لمساعدة موقوفون من ابناء اقليم درافور في سجن العريش بتهم تتعلق بالتسلل الى دولة اسرائيل ؛ وربما حاول الوصول الى مدينة رفح الحدودية لمعاينة جثث ظلت في مستشفاها لسودانين قتلوا على ايدي الشرطة المصرية في الحدود . لكن اسحاق فضل وصديقه محمد القى القبض عليهما ووضعا بالقناطر دونما النظر في امرهما منذ ذلك التاريخ .

ربما يكون السيد اسحاق وصل الى العريش او حتى رفح بطريقة غير مشروعة ؛ وغير انها لم تكن المرة الاولى التي يذهب فيها احد من الاتحاد الدرافوريين بالقاهرة لاغراض انسانية الى الحدود مع اسرائيل . على حد قوله لم يسمح لمسئولي المفوضية السامية لللاجئين بالقاهرة من لقائهما او مساعدتهما علما انهما يقيمان بالقاهرة بصفة لاجئين يفترض ان تكون لديهما حماية؛ وهما معيلان عائلات تركت هي الاخرى لوضع انساني حرج تنتظر العلاج .

في ترحيلهم خطر

استنادا على اخبار ترد حول مصير المتسللين الذين يتم تسليمهم الى سلطات الخرطوم في حلفا فان تسليم نحو اربعين سودانيا من المعتصمين في سجن القناطر كشكل من الحل لانهاء ماساة اعتصامهم الى السودان امر خطير ويزيد من القلق على حياتهم .

ذكرت عائلات سودانية من اقليم درافور ان ابنائها لم يصلوا اليها وذلك عقب معرفتها انهم وصلوا الى ميناء وادي حلفا النهري ؛ و تجهل تلك الاسر مكان احتجاز ابنائها داخل السودان حتى اليوم . ان مسالة اختفاء بعض المرحلين الى السودان تقع على مسئولية النظام في الخرطوم ؛ ولذا من الخطا ان تقوم السلطات المصرية بتسليم هؤلاء الى الخرطوم في ظل الوضع الانساني والاخلاقي الحرج الذي يعشه سكان بعض لاقاليم مثل درافور .

الخرطوم ذكرت في وقت سابق على لسان وزير داخليتها انها ستحاكم كل الذين يعودون الى السودان من دولة اسرائيل ؛ متهمة اياهم بالعمالة والتجسس لحساب اليهود على حد تعبير الوزير السوداني ؛ ولعلى الخرطوم تفي بوعدها كعاتها في هذه الحالات فقد اختفى عدد من العائدين من اسرائيل عقب وصولهم وادي حلفا وليس ثمة خبر لهم او اثر .



يجب حل ماساتهم

لعناية سوداني المهجر ؛ وونشطاء حقوق الانسان . بقاء اي انسان في السجن دون البت في امره منافي كلية لمبادئ حقوق الانسان ؛وليست ثمة منتمي للجنسيات الاوربية او الامريكية في سجون القاهرة بهذه الحالة ؛ لان الدول هناك ترعى مواطنيها ؛باستثناء السودان كونه لا يزال دولة تحت التكوين .. يعد مركز السودان بقاء هذا العدد الكبير من السودانين في السجون المصرية لفترت طويلة دون اهتمام عملا غير انساني كماهو غير قانوني خاصة مع اهل درافور الذين يواجهون واقعا صعبا منذ ست سنوات ويفقدون الرعاية و الاهتمام من دولتهم ؛ وان استمرار تجاهل امرهم ؛ وعدم الاهتمام تدعم ماساة شعب السودان .

مركز السودان المعاصر للدراسات والانماء يطالب المعنين من اصدقاء السودان في المجتمع الدولي ولا سيما مصر التحرك لانهاء اعتصام السجناء السودانين في سجن القناطر وذلك بالنظر في امرهم ؛ والعمل على عدم ترحيلهم الى الخرطوم ذلك للخطورة التي ستقع على حياتهم .

ان الكثير من الحوادث المؤلمة التي بقيت في الذاكرة الجماعية للسودانين تحيى بألم لدى الاجيال السودانية ؛ وكثير من المواقف التاريخية من لدن عهد تجارة الرقيق والاستعمار التركي المصري ؛ والانكجلو مصري الى ماساة النجيلة في ساحة مصطفى محمود من قبل خمس سنين بالقاهرة تستدعي كل تلك الحوادث حالة مشاهدة السجناء المعتصمين في سجن القناطر .



وان منظر السجناء السودانين وهم في حالة اعتصام في سجن القناطر منظر مالم وسيترك ظلال سالبة على مستقبل السلام بين اجيال وادي النيل بوحي الفهم الذي يحرك الشباب المعتقلين؛ ان على مصر مسئولية اخلاقية وانسانية وقانونية يجب القيام بها تجاه السودانين المتواجدون في اراضيها وخاصة نزلاء سجونها .



مصر اكثر بلدان العالم ادراكا عمق حبنا كسودانين للسلام المستقبلي ؛ وضرورات توفر اجواء اخوية للعيش المستقبلي بين ضفتي الوادي . وهي في حاجة اليوم للقيام بدورها نحو السودانين المقيمين في القاهرة ونزلاء سجن القناطر .

مع فشل المفاوضات التي جرت يوم الخميس الماضي بينهم وبين سلطات السجن، والتي كان سيتمُّ بموجبها ترحيلهم إلى سجن "الخليفة" وسط القاهرة؛ استعدادًا لإبعادهم إلى بلادهم مقابل وقف اعتصامهم.



مركز دراسات السودان المعاصر

قسم الرصد الصحفي

15 اكتوبر 2009 اف



2- تطورات ازمة السودانيين المعتصمون بسجن القناطر بالقاهرة







إنهم يدخلون يومهم الخامس من الاعتصام ؛ ووضعه الانساني يزداد سؤا ؛ لكن اليوم يدخلون جولة تفاوض جديد مع السلطات المصرية بشان هذا الوضع المثير للقلق . وتوصل الطرفان في الخميس إلى اتفاق غير مضمون النتائج ؛ وافقت السلطات بموجبه على ترحيلهم الى سجن الخليفة بوسط القاهرة استعدادا لابعادهم الى بلادهم مقابل ذلك عليهم وقف اعتصامهم .



وافق بعض النزلاء المعتصمين على الشرط ؛ (و قسم الرصد الصحفي بمركز دراسات السودان المعاصر سيقوم بنشر اسماء هؤلاء في عجز هذا النص )؛ بينما رفض البعض الاخر ؛ وكانت حجة الرافضة انهم لا يجدون ضمان في هذا الاتفاق ؛ ووعود السلطات الأمنية غير موثوق بها هكذا ؛ وان سجن الخليفة مكان جديد لمواصلة حبسهم ولن يعالج ازمتهم مطلقا على حد قولهم .



وبالفعل السلطات الأمنية عادت بهؤلاء المتفقين معهم صباحا إلى سجن القناطر مساء الخميس بعد أن قضوا يوما كاملا بملابسهم البيضاء في مجمع وزارة الداخلية المصرية الواقع بميدان التحرير وسط القاهرة ؛ ولم تفي بوعدها لهم ؛فعادوا بدورهم إلى مواصلة اعتصامهم بالقناطر .



تاتي هذه التطورات الجديدة في ازمة السودانين بسجن القناطر في اعقاب نشر وكالات أنبا عربية اخبار عن مقتل سجين فلسطيني داخل سجن برج العرب احد سجون الدولة في مصر متأثرا بجراح من التعذيب ؛ وبالرغم من ان السودانيين المعتصمين لم ينزلوا من سجون العرب في مصر بالابراج لكنهم لم يذكروا ان احدهم قد تعرض للتعذيب خلال بقائهم الطويل.



تقول مصادر مقربة من الاجهزة الامنية والقضائية المصرية ان امر السجناء السودانين المعتصمين وغيرهم مرهون بموقف قنصلية بلادهم ومدى اهتمامها وسرعة أدائها ؛ ويضيفون أن المسئولين السودانيين بالقاهرة يتباطئون باستمرار في مسالة المحبوسين من رعايا بلادهم.



والى حد ما تعجز السفارة السودانية وقنصلياتها في ايجاد شكل للتعامل مع السودانين الموقوفون بتهم تتعلق بالتسلل إلى دولة إسرائيل أو قضايا أمنية وسياسية أخرى ؛ ولا سيما موطني اقليم درافور المضطرب غربي السودان ؛والسبب انهم لا يتعاونون معها باعتقاد هؤلاء المسئولين. ويشكو المسئولون السودانيون من ذلك كثيرا؛ لكن السودانيين جميعا يعربون عن عدم ثقتهم في مسئولي سفارتهم وقنصلياتها ؛ و يتهمونهم بممارسة التميز ضدهم وتعمد التجاهل ؛ وانعدام الخبرة في القيام بواجبهم كما يقولون.



وبرغم جهود على نحو منفرد احيانا تبذل من مسئولين سودانيين بالسفارة والقنصليات في حقل التعامل من اجل حل وضع الحالات الداعية لتدخلهم الا ان عجزا واضحا لازم أداء السفارة السودانية وقنصلياتها في حفظ ورعاية حقوق وكرامة مواطنيها لا في مصر فقط بل في كثير من بلدان العالم . ومرجع ذلك ليس إلى انعدام الخبرة أو التحيز فقط بل إلى الخلل الهيكلي الذي يعاني منه بنية الدولة السودانية ؛ وهو خلل يستدعي بالضرورة هزال أداء البعثات الرسمية في الخارج.



واذا كانت الجهات الرسمية السودانية بالقاهرة تواجهها ازمة عدم تعاون من قبل السودانين نزلاء السجون المصرية -وهي حجة بالغة التعقيد مع كونها مفهومة –لم توضح مفوضية شئون اللاجئين التابعة لامم المتحدة عبر مكتبها بالقاهرة اسباب هشاشة مواقفها مع الحالات المماثلة مِن من يعنيها أمرهم من السودانيين وحملة جنسيات افريقية أخريين قابعين في السجون المصرية ؛ وهي تعلم أكثر من غيرها سؤ وضعهم الإنساني .



أزمة السجناء ؛ أزمة المحبوسين المعتصمين ؛ أزمة التواجد المهول للسودانيين بالقاهرة مسائل تتداخل وتترابط ببعضها ؛ ولا يمكن الفصل بينها؛ وهي حالة تتطلب النظر فيها بمسئولية وجدية مصحوب بأخلاق ورأفة بغية إيجاد حل جوهري لها .



في وقت باكر من اول العام الافرنجي الجاري ؛ وفي سياق الحل ناقش ممثلين عن أطراف ثلاث مجتمعين أمر سوداني مصر ؛ ومداخلة أمرهم مع قضايا الأمن الفردي والسياسي ؛ والثلاث ممثلين عن أمن الدولة في مصر ومسئولي القنصليات السودانية ومندوبون عن المفوضية السامية للأمم المتحدة المعنية بأمر اللاجئين بالقاهرة ؛ كان اللقاء الثلاثي المهم في ضيافة السفارة السودانية بالقاهرة .



ومنذ ذلك التاريخ والأمر لا يزال على حاله ولا جديد يذكر ؛ هنا يفصح المجال واسعا للأذهان لتمعن في فكرة تمكن السفارة السودانية من الوصول وبكل سهولة إلى البيانات العامة عن حالة السودانيين المتواجدون بالقاهرة في ظل وضع الدولة السودانية الراهنة وأزمتها المستفهل ؛ وهذا يجعل اللقاء الثلاثي الأول والمتتاليات لها عنصر في إضعاف حجج الجهتان المضيفان معا ؛ ويقتل أي تبرير يظهرانه قبالة التهم المستمرة حول مسلسل انتهاكات حقوق الانسان لحملة الجنسية السودانية بالقاهرة ؛ لكن لكونهم سودانيون لا يسكن متحرك ولا يتحرك ساكن .



يستمر اعتصام نزلاء سجن القناطر من السودانين بالقاهرة ليومه الخامس ؛ وإنهم لم يحددوا إلى أي مدى سيستمر الاعتصام لكن ينتظرون بلا شك تدخل من يهمه الامر لحسم وضعهم الانساني الملح .
مركز دراسات السودان المعاصر

قسم الرصد الصحفي

17 اكتوبر2009 ف

sudan_contemporary@yahoo.com

الجمعة، 16 أكتوبر 2009

"لا توجد فئة في مصر أكثر اجراما من البدو والاعراب"


هذه الإساءة أعلاه ليست نتيجة بحث علمي أو دراسة* ولا هي عنوانا اخترته بالطبع، بل ما جاء في مقدمة ملف العدد الأسبوعي من جريدة نهضة مصر- الخميس 15 اكتوبرالجاري، التعميم والإهانة تملأ الملف الذي جاء بعنوان "وقيدت الجريمة .. ضد بدوي!"؛ إذ تقول الجريدة:
"ربما لا توجد فئة في مصر اكثر اجراما من فئة البدو والاعراب الذين يسكنون الصحراء المترامية الاطراف ولا تخلو محافظة في مصر من ظهير صحراوي تسكنه مجموعات من البدو في مجتمعات مهمشة تحولت مع الوقت الي صداع في رأس الحكومة خاصة الاجهزة الامنية التي تعتبر هؤلاء البدو مجموعات من الخارجين علي القانون ومطاريد في الجبال يشكلون تهديدا للامن الداخلي بما يرتكبونه من جرائم سواء تهريب المخدرات او الاتجار في السلاح او فرض السيطرة والاتاوات والاستيلاء علي املاك الدولة كما يشكلون ايضا تهديدا للامن القومي الخارجي بعدما فتح بعضهم احضانه لاستقطاب الارهاب الاسود خاصة في اعقاب تفجيرات سيناء فضلا عما يرتكبونه من جرائم تهريب وهجرة غير شرعية لاسرائيل.
وفي تلك السطور نفتح ملف جرائم البدو والاعراب في مصر لتسليط الضوء علي من يسكنون علي الاطراف ويمثلون وجعا في قلب البلد."
وبعد المقدمة المهينة يأتي على استحياء هذا الاستدراك باستثناء الجريدة لعدد محدود فقط من البدو من اتهاماتها

"بالطبع ليس كل بدوي او اعرابي مجرم وانما مجتمعات البدو شأنها شأن باقي المجتمعات فيها الصالح والطالح الا ان الغلبة دون انكار للفاسدين والخارجين علي القانون لمن يشكلون تهديدا للامن الداخلي."

لماذا لا يتم محاسبة - دعني لا أقول محاكمة- من كتب على الملأ عبارات مسيئة فيها تعميم مهين، يستعدي بها على فئة أو مجموعة سكانية في البلاد؟
* بالمناسبة لا توجد دراسة علمية ستقول لك أن هذه المجموعة البشرية كلها أوغاد وأشرار.
-الصورة بعدسة الزميل:Alexander Weissink
- رابط الملف بنهضة مصر:
http://www.gn4me.com/nahda/artDetails.jsp?edition_id=2611&artID=3529511


الخميس، 8 أكتوبر 2009

حوار مع المعتقل الوحيد الباقي من "تنظيم الوعد"

الموت يقترب من المعتقل الوحيد الباقي من تنظيم الوعد‏
كتبت/ أميرة الطحاوي *
• أمضيت 6 أشهر في معتقل الوادي الجديد بمفردي.
• جنسيتي الهولندية لم تنفعني في شيء ولا أنوي البقاء في مصر إذا أطلق سراحي.
• هذه أسماء الضباط الذين أشرفوا على تعذيبي.
• التعذيب يبدأ بعد كل زيارة، والشلل أصاب قدمه اليمنى.
• أوصى بقبر له في السجن، ولم يرى أطفاله الأربعة منذ 3 سنوات.
• السفارة الهولندية تمول برامج تعليم حقوق الإنسان لضباط الشرطة وهذا ما فعله الضباط به.

على مدار السنوات من 2001 وحتى الآن، أفرجت السلطات المصرية عن عدد ممن لم تثبت المحكمة العسكرية ضدهم اتهامات فيما عرف بتنظيم الوعد المتهم أفراده بدعم حركات إسلامية بالخارج ومحاولة قلب نظام الحكم بمصر. وقد أفرج في بداية القضية عن 100 من المعتقلين وتوقع الإفراج عن البقية بسبب عدم كفاية الأدلة،لكن وفي أعقاب الحادي عشر من سبتمبر بأمريكا تم إحالة 98 متهماً - بينهم 13 طالبا - للمحكمة العسكرية، وحكم بالحبس على 51 منهم بمدد تراوحت بين عامين و أقصاها 15 عاما لثلاثة منهم، وأفرج عن البقية.
ومع ذلك فإن متهماً واحداً منهم لازال رهن الاعتقال الإداري في مصر بموجب قانون الطوارئ، وهو مصري يحمل الجنسية الهولندية، رغم انتهاء مدة حبسه في 2004 حيث حكم عليه بالسجن لثلاث سنوات. ومع التعتيم الأمني على هذه الحالة فقد كان يُعتقد أنه أطلق سراحه بالفعل قبل 3 سنوات. والتقينا خلال الشهرين الماضين بزملاء له لمعرفة مكانه وظروف اعتقاله، كما مررنا له بعض الأسئلة، وهذه قصة : هشام دياب، آخر معتقل بتنظيم الوعد والذي يتعرض لتعذيب متصل في سجون تنقل منها خلال الثماني سنوات الماضية، وقد تدهورت حالته الصحية مؤخراً بشدة حد إصابته بشلل في الساق اليمنى.

ورغم جنسيته الهولندية فإن طلباً بالتخلي عن جنسيته المصرية قبل 4 أعوام لم يكتمل، والطريف أن هولندا والتي تمول سفارتها بالقاهرة برنامجا لـ "تعليم حقوق الإنسان" لضباط الشرطة المصريين، لم تتدخل لوقف تعذيب مواطنها على يد هؤلاء الضباط، وهو التعذيب المتصل منذ 8 أعوام والموثق بتقارير طبية وشهادة منظمات حقوقية مصرية بعضها يتلقى تمويلا هولندياً، ودولية ومنها منظمة العفو.

مواليد 1950، وهو نجل الكاتب والسيناريست محمود دياب وعمه هو الفنان التشكيلي إسماعيل دياب، حصل على بكالوريوس تصوير سينمائي من أكاديمية الفنون بالقاهرة، وعمل كمصور حر ومخرج أفلام تسجيلية، وفي 1985 كانت أول رحلة له لهولندا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا واستمرت لثلاثة أشهر، ويقول إنه سافر بحثا عن الهوية لكونه تشرب بأفكار الغرب، وبحسب تعبيره فقد "كان يشعر أنه أحق بالغرب حتى من أهله"، وساعده في السفر حالة عائلته المالية ميسورة، وقام بالرحلة الثانية لهولندا في عام 1987 للعمل باستديو لاكين للتصوير ثم تركه ليعمل كمصور حر ومعد للبرامج، وقد تزوج بزميلته وهي هولندية و أنجب منها 4 أطفال، وحصل على دروس في اللغة الهولندية بجامعة اوتريخت89-1990، ثم غطى حرب الخليج الثانية لصالح بعض القنوات الغربية ثم قرر التوقف عن العمل بالإعلام "لم أرغب في المشاركة في توظيف ما أصوره لصالح وجهات نظر غربية غير عادلة تجاه الحرب" وفي 1990 قام بعمل فيلم عن الصوفية، وحصل على الجنسية الهولندية في 1991 دون شرط التنازل عن الجنسية المصرية. ثم عمل كأخصائي اجتماعي في مكتب بلدية أمستردام بعد حصوله على دبلوم اجتماع عام 1992، وعاد لمصر في ديسمبر عام 1995 ليسافر بعدها في 1996 للعمل بالمملكة السعودية كمصور في مركز أبحاث الحج بمكة، ثم إلى كوسوفو في 1998 لعمل فيلم وثائقي حول معاناة مواطنيها المسلمين هناك والاعتداءات ضدهم.

البداية: لاظوغلي 2001

في الثالثة فجر يوم 8- 5-2001 اقتحمت قوات الأمن منزله بمصر الجديدة، ونقلوه لمقر أمن الدولة بلاظوغلي معصوب العينين مكبل اليدين "سحبت إلى لاظوغلي بعد استيلاء الأمن على جوازي السفر المصري والهولندي والهويات الأخرى، وجهاز الكومبيوتر الخاص بي، وسط هلع أطفالي الأربعة وكان أكبرهم في السابعة من عمره".
ولمدة 45 يوما تعرض دياب للتعذيب "كنت أتمنى الموت، وبقيت طوال المدة مكبل اليد لم أنم على جنبي، معصوب العينين بخرقة قذرة مما تسبب في إصابتي بحساسية في العين، أعاني منها للآن. كنا ننام واقفين أو جالسين القرفصاء في ممر المبنى، وأصبت بجلطة في الساق.. وحتى الآن أتعاطى عقار ’ماريفان’ كمسيل للدم، وكان الضباط يركلوننا بأقدامهم كلما مروا علينا مع وابل من السباب، واستمر التحقيق معنا مساء كل يوم وحتى الصباح بينما نحن معلقين من الأرجل متدليين من السقف ونتعرض للضرب والصعق بالكهرباء المعروفة باسم ’العنبوكة’، كان الضباط يقولون لنا:تعرف أنا مين ياله أنا أبو لهب..أنا أبو جهل يا... إحنا زبانية جهنم 20 سنة صد عن سبيل الله "

كوسوفو:

طوال هذه المدة لم يتم توجيه أي اتهام له، كان الاهتمام بتفصيلة واحدة، هي سفره لكوسوفا "لماذا سافرت ومن ذهب معي أو التقيته هناك، كانوا يواجهوننا بحقائق لا صلة لنا بها، البعض اعترف بأشياء وهمية لمجرد النجاة من التعذيب.. قلت لهم أنني سافرت على نفقتي الخاصة إذ أردت تقديم أفلام مضادة للدعاية الغربية والأمريكية لما يحدث في كوسوفو وقبل تدخل الأمم المتحدة وأمريكا، ولتوضيح المواقف والممارسات التي تتم ضد المسلمين هناك، كما شاركت كغيري في توفير بعض الدعم المالي للانتفاضة الفلسطينية الثانية سبتمبر 2000، كنا نتبرع عبر الجهات التي تعلن عنها الحكومة أحيانا، بل وخصمت من مرتبات موظفيها.لم يكن الأمر سرياً".

لم تواجه السلطات دياب بأي قرينة أو مادة مصورة " لم يتم مواجهتي بأفلام صورتها في كوسوفو حيث قضى قصف جوي على معظم هذه المواد، وقد عدت لمصر بعدها بلا أي مشكلة لعامين..و حتى لو وجدوا، فلا أعتبرها تهمة؛ فهذا إنتاجي الذي كنت أعده للعرض العام، ومن الطبيعي ألا أداريه أو أخجل منه. لم أشاهد قتالا بل قصف ضد مدنيين وبالطبع لم أشارك في أي قتال، كنت أصور قصف القرى وترحيل مواطنيها، وقد أصبت خلال عملي، وبقيت هناك 45 يوما تقريبا، المواد التي نجت من القصف 4 شرائط يقارب كل منها 3 ساعات. وسلمتها لمن يفترض أنهم تولوا بثها عبر الانترنت".

واستمر التعذيب "كانوا يسألون عن أسماء لا نعرفها أو نسمع بها من قبل أو أشياء لم تحدث،كان التحقيق والتعذيب جماعياً وأحيانا لكل حالة بمفردها، في البداية كنت أشعر بوجود من حولي دون أن أراهم، واسمع التهديد والعويل والاستغاثة..علمت لاحقا أن عددنا 300، أصيب كثير منهم بإغماءات وأصبت بشلل مؤقت لأسبوع وبضيق في التنفس ونوبات ربو. وأصيب فتى في الثامنة عشر بانفجار في الخصيتين أثناء صعقه بالكهرباء،.. وبينما الممرضون ينقلون البعض للمستشفى، أتذكر صوت أحد الضباط : موِّت لنا كل يوم واحد.. وعلمنا لاحقاً أن اثنين على الأقل قد ماتا بسبب التعذيب".

في فجر 17 – 18 يونيو من نفس العام أرسل دياب وبقية المتهمين للنيابة الليلية "عرفت أننا في ميدان المحكمة مصر الجديدة من صوت الآذان المألوف لدي، والمنطلق من المسجد القريب من مسكني، كنت معصوب العين ومكبل، وجذبني ضابط من أمن الدولة كان يرافقنا من لاظوغلي وهددني أن أعدل عن أقوالي بتعرضي للتعذيب و إلا عدت لهم، وبالفعل تم إعادتي لجهاز أمن الدولة وتعرضت لوجبة جديدة من التعذيب، ولم يكن هناك محامي أو هيئة دفاع"
ثم رحِّل دياب وبقية المتهمين في 21 يونيو شبه عراة مكبلين إلى سجن استقبال طرة، وأودع كل 20 شخصا في زنزانة 3.5 * 3.75 م. وبعد 3 أشهر عرضوا على النيابة الصباحية بأمن الدولة، وتمكنوا أخيرا من الاتصال بالأهالي عبر المحامين الذين كانوا يتوقعون الإفراج لعدم وجود أدلة. وقد أشار بعض ممثلي الدفاع لوقوع "كشط في الأسئلة والإجابات المنسوبة للمتهمين" والتي جرت بمعرفة نيابة أمن الدولة العليا.كما تم "مسح" بعض أقوال المتهمين في مواقع متعددة في ملف القضية تتعلق بالانتفاضة الفلسطينية، ولم تعرض على المحكمة أية أسلحة أو متفجرات تحدثت عنها رواية الأمن.
واستمرت المتهمون بالقضية رهن الاعتقال في طرة لشهرين. كانت التهم هي : إنشاء جماعة غير مشروعه بغرض الاعتداء على الحريات الشخصية والحقوق العامة، والقيام بأعمال الرصد والاغتيالات لرجال الأمن والشخصيات العامة، وتفجير وتخريب منشآت ومؤسسات مملوكة للدولة و حيازة أسلحة ومفرقعات دون ترخيص خلال الفترة ما بين عامي 1996 إلى 2001. كذا جمع أموال لدعم الانتفاضة الفلسطينية، ومحاولة اختراق الحدود للوصول إلى الأراضي الفلسطينية.

موقف السفارة الهولندية:

يشعر دياب بمرارة كبيرة من موقف هولندا من قضيته حتى بعد أن أنهى مدة عقوبته في 2004 " عندما كنت في هولندا تلقيت دورات تعليمية عن الحقوق الاجتماعية وكيفية التعامل مع المواطنين، أعلم قوانينهم وضوابطهم والتي تحكم عمل أي مسئول هناك، واجتياز مثل هذه الدورات شرط للعمل والترقي في الوظائف العامة، لذا لم أتوقع موقف السفارة السلبي مني كمواطن هولندي أيضا...فمثلاً كان أول ظهور للسفارة في 2002 أي بعد 6 أشهر من الاعتقال رغم أن زوجتي أبلغتهم في اليوم التالي لاعتقالي"
وقد تكرر أن تأخرت السفارة في مجرد إرسال مندوب لها لشهرين كاملين رغم تدهور حالة المعتقل الصحية جراء تعرضه لتعذيب وحشي في 2005 كما سيرد أدناه. يقول دياب "صحيح أنا مصري، ولكني أيضا مواطن في بلد أوربي، أي في بلد يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان ولا أفهم لماذا تتحرج من المطالبة بإطلاق سراح مواطنها يتعرض للموت "

كل زيارة بتأديب:

ظلت الزيارة ممنوعة وبعد عناء وواسطة ودفع إتاوة لضابط امن دولة في سجن الاستئناف "محسن رمضان" ودفع 500-600 جنيها له من أجل أي زيارة قصيرة.
وفي مايو 2003 طلب دياب من مندوب السفارة الهولندية استخراج تصريح زيارة لزوجته وأطفاله، وبعد دقائق من زيارتهم له " فوجئت بحصار الأمن لنا، وطلبوا مني الذهاب معهم للضابط باسم، والذي ما أن رآني حتى اخذ يكيل لي السباب بسبب طلبي من السفارة التدخل في استحصال إذن زيارة لزوجتي، وأمر بإخراج الزوجة والأولاد وصادروا كل ما أحضروه من طعام، وأودعوني حجرة التأديب ولم يكن الباب يفتح سوى مرة واحدة في اليوم، وأصبت بارتفاع ضغط دم ونقلت لليمان طرة في 7 يوليو، ورغم أن زوجتي أعلمت السفارة بما حدث في الزيارة. وحضر باسل الزيارة وسألني عن سببها وهددني إذا كنت أخبرتهم شيئا عن الأوضاع داخل السجن، وتكرر هذا الأمر في كل زيارة، ومنعت من الذهاب للعيادة ومنعت من التريض - الخروج من زنزانته لفناء السجن- وفي إحدى المرات عند عودتي من زيارة مندوب السفارة لي قام مجموعة من المساجين الجنائيين بالاعتداء علي باستخدام عصا ومواسير مياه، وككل مرة ذهبت بعدها للتأديب.

وقد أصبح هذا الأمر مرتبطا بأي زيارة لحد إنني طلبت من السفارة اتخاذ موقف لوقف هذا التعذيب ضدي أو عدم زيارتي، وفي أبريل 2004 رفعت قضية لإطلاق سراحي بعد ثلاثة أرباع المدة، وتم الموافقة على طلبي لكني لم أخرج ولا حتى علمت بالأمر إلا بعد 4 أشهر خلال زيارة مندوب السفارة الذي حضر الجلسة الحكم بإطلاق سراحي. وفي 8 مايو 2004 تم الإفراج عني ونقلت إلى لاظوغلي بعربة ترحيلات السجن. وكنت قد أرسلت قبلها بشهر شكوى للسفارة الهولندية أعلمهم أني في 8 مايو 2004 سيتم الإفراج عني وأنبههم لاحتمال استصدار قرار اعتقالي، وقال مسئولو السفارة لزوجتي هاتفياً أنهم سيتخذون اللازم وسيرسلون مندوبا بسيارة لاستلامي في هذا التاريخ، وهو ما لم يحدث. بقيت رهن الاعتقال لأسبوعين في لاظوغلي، وأصبت بذبحة صدرية وأعادوني لليمان طرة. وفي أكتوبر 2004 قدمت أول تظلم من اعتقالي للنائب العام وحصلت على إفراج قضائي، وتم ترحيلي للاظوغلي، وبقيت هناك حتى صدر قرار جديد باعتقالي وتم إعادتي للسجن. هنا تسلمت خطابا من السفارة "بأنه من الضروري أن أتنازل عن الجنسية المصرية" إن كنت أرغب في تدخل السفارة للإفراج عني مع أنهم لا يعدون بشيء. ورفضوا أيضا أن يخصصوا محاميا للدفاع عني، ورفضت وقتها العرض. وقلت إنني سأتنازل عن الجنسية المصرية عند خروجي: ليس حرصا عليها بعد كل ما حدث لي في بلدي، بل خوفا من أن أتنازل عن الجنسية ومن ثم تسقط عن أبنائي جنسيتهم المصرية،و قد أبقى في السجن وانقطع عن أولادي بجنسيتهم الهولندية إذا سافروا للخارج.

في 2005 نقلت لسجن المزرعة وكان ما عرف بقضية التعذيب المثبتة وقائعها في نيابة المعادي بتاريخ 7 يوليو2005، وحكم ضد المأمور وضابط المباحث، وقام المأمور وضابط أمن الدولة بالسجن أحمد عبد الرحمن، وواصل الاثنان تعذيبي، وفي 4 يوليو 2005 وبعد زيارة من أسرتي، استدعيت لمكتب ضابط أمن الدولة، وتوعدني المأمور بالقتل واني سأسُحب للتأديب "جثة هامدة" وفي الثامنة من صباح اليوم التالي اقتحم زنزانتي 30 من الحرس ومخبري السجن وبحضور المأمور وضابط السجن وتم الاعتداء عليا بعنف باستخدام العصا ومواسير حديد وأحذية وارفف وكلابشات وتم سحلي ووضعت في التعذيب لثلاثة أسابيع مصابا بكسور في الضلوع و6 فقرات (2 صدرية و2 قطنية، و2 بالبطن) وإصابة في الركبتين وكدمات بالبطن وأجزاء الجسم والوجه.
أضرب دياب عن الطعام ومعي 3 بريطانيين و2 من روسيا ومصري يحمل الجنسية الأمريكية،وقدم معتقل بريطاني بلاغا ضد مأمور السجن بأنه هدد دياب بالقتل، وحضر ممثلون عن سفارات هؤلاء، (وهو ما أوردته العفو الدولية في تقريرها ونقلته صحف عدة)، فيما لم يظهر مندوب عن سفارة هولندا سوى بعد شهرين رغم إرسال أكثر من استغاثة لها.

يقول دياب " لم تظهر مندوبة عن السفارة سوى بعد شهرين، لتعود بتقرير يقول أن صحة المعتقل جيدة. رغم تأكيد مندوب السفارة البريطاني انه أرسل للسفارة الهولندية – وكانت بريطانيا الرئيس الدوري للاتحاد الأوربي آنذاك. والطريف أن الخارجية الهولندية نقلت لاحقا لوالدة زوجة المعتقل وهي هولندية أن زوج ابنتها بخير ولا صحة لما. ورغم أن هناك تقرير للطبيب الشرعي يثبت الاعتداءات ورغم إضراب السجناء الأجانب ورغم أن تحقيقا جرى وتم الحكم على المأمور وضابط المباحث ونقل ضابط أمن الدولة من السجن.
وكان خلافا سابقا بين نفس الموظفة ودياب في 2000 حول معاملة إدارية تخص تسجيل مولد ابنه الأصغر.

إني أرى قيصر عاريا وقبيحا

7 مايو 2006 : وبعد الزيارة الأخيرة من أسرته له، وعند عودته لزنزانته اعتدى عليه سجناء جنائيون وعساكر بتحريض من الضابط باسل، وتحطيم الأمتعة والاستيلاء على بقيتها، :توعدنه باسل أنه "سيصفيني"، وتم إيداع المعتقل التأديب، وفي الصباح قذف العساكر بمياه المجاري والقاذورات من فتحة الزنزانة العلوية وامتلأت بها أرضية الزنزانة التي بقى لأسبوع حتى تم ترحيله لسجن الوادي الجديد في 21 يونيو 2006 في الثانية صباحا، وقال له أحمد الشريف ضابط أمن الدولة هناك "إحنا جايبينك هنا عشان نصفيك..إحنا قرفنا منك وأنا بقى اللي ها أقتلك".
وبدأ حفل الاستقبال بالضرب والسحل حتى كسرت يده اليسرى، ولم يعرض على طبيب بل أودع التعذيب لأسبوعين، وهو ما يثبته محضر إثبات حالة بنيابة الخارجة المسائية يوليو 2006 " أضربت عن الطعام وعرضت على طبيب أخيرا، ووضع يدي في الجبس وتقدمت ساعتها بشكوى للنيابة" وهنا حاولت إدارة السجن مساومته للسماح له بالتريض والعلاج مقابل أن يقول أنه سقط على يده، وحضرت إدارة السجن شكواه أمام وكيل النيابة.

ثم قاموا بالاعتداء عليه مرة أخرى في نوفمبر 2006 اقتحم مخبرون وحرس بقيادة ضباط يدعى وئام، واعتدوا عليه بالضرب المبرح، مما نجم عنه إصابات في العين واليد اليمنى والظهر، وكما كل حملة ضرب جماعي تلي كل زيارة، فقد أودع دياب في التأديب، لكنه تمكن هذه المرة من تحرير محضر أمام النيابة بتاريخه. وكان هناك معتقلان آخران شهدا بما حدث له حيث تعرضا لحملة تعذيب مماثلة في نفس اليوم. واثبت حالته في تقرير للطب الشرعي وأودع التعذيب 10 مرات من يونيو 2006 وحتى يونيو 2008 في حبس انفرادي- حجرة 41 سم * 2.5 مدهونة بالقار - ثم أودع وحيداً في عنبر كامل تحت حراسة مشددة، وقضى شهرين في العام الأول له بالوادي بمفرده في السجن كله – حيث جرى ترحيل بقية المعتقلين لسجون أخرى وفق ترتيب مصلحة السجون، وفي آخر 4 أشهر من فبراير وحتى يوليو 2008 كان دياب بمفرده أيضا في كل السجن!.

بعد ترحيله للوادي ناشدت زوجته السفارة لإعادته لسجن قريب من منطقة سكناه الأصلية وعائلته، الطلاق فبراير 2008، وتخشى على حياته وبعد شهرين جاء القنصل للوادي، وبعد 6 اشهر ومعه هدية صابونة من الفندق الذي نزل به وبعض الفاكهة وملحق إعلاني من جريدة هولندية، ملفوفة في ورق سوليفان، ألقيتها في سلة المهملات بعد خروجي من حجرة الزيارة أما الجميع وصرحت له أني لا أريد مقابلته مرة أخرى. جاء مرتين لاحقا ولم أخرج لمقابلته, تجدد الحديث عن التنازل عن الجنسية المصرية، وطلبت أن تتابع السفارة عبر محام يدفع هو أتعابه الأمر لكنها رفضت، ووفق نصيحة محام فإن المعتقل لو قدم الطلب بنفسه أو عبر محام مصري فسوف تستغرق عاما وسيكون القرار بالرفض. ومن شدة وطأة هذين العامين وتبخر أمله فقد أوصى المعتقل لأحدهم بأن يدفن في قبر اختار مكانه في السجن. وأخيرا وفي 21 يوليو 2008 تم ترحيله لسجن دمنهور الموجود به حالياً.
سألته عن الخطوة المقبلة إذا ما أطلق سراحه "لا يمكن أن أبقى في مصر إذا كتب لي الخروج من محبسي.. كنت أفكر في التوجه للمحكمة الدولية لحقوق الإنسان بشكوى ضد الحكومة المصرية والسفارة الهولندية..لكن لن أفعل ذلك بينما أنا مسلوب الحرية، كما أنني لا أريد أن أشكو لغير الله" وهو يعتبر سلبية السفارة نوعا من التواطؤ ضده، ويعتبر أن ممارسات الأمن ضده قتلا بطيئا، وقد هدده بالقتل حرفيا ضباط عرف منهم بالاسم : أحمد شريف وباسل.. وفي مارس الماضي شهد دياب في محبسه الحالي بسجن دمنهور حالة وفاة محمد عقل، ضابط الشرطة السابق بعد أن أمضى 5 سنوات بالمعتقل.

الوضع الصحي للمعتقل حالياً:

وكان دياب قد حاول منذ إصابته في سجن المزرعة عام 2005 الحصول على علاج لإصابة ظهره، وأثناء وجوده في سجن الوادي تمكن من عمل أشعة رنين مغناطيسي بمستشفى أسيوط، وقرر الطبيب مستشفى سجن دمنهور بضرورة إجراء عملية جراحية، تسبب الانزلاق في ضمور الساق اليمنى وبداية أعراض شلل بها ووصل لأصابع القدم ؛ حيث يمنع الضمور تدفق الدم للأطراف، يعاني المعتقل من صعوبة في الحركة، ويعاني من

• جلطة الساق: منذ الحبس الأول في لاظوغلي 2001 لمدة 45 يوماً، يوجد تقرير طبي.
• ذبحة صدرية - ربو خلال ال15 يوما التي أفرج فيها عنه وبقى في لاظوغلي 2001.
• ارتفاع ضغط دم- سجن الاستقبال
• جيوب أنفية (سابقة على الاعتقال)
• حصوات بالكلى- بسبب الاعتقال في الوادي الجديد، يوجد تقرير طبي.
• سقوط 6 أسنان أمامية بسبب عدم حشو الجذور، وحدوث خراج دون علاجه، الأخير منها في 5 أغسطس 2009.

حصل دياب على آخر إفراج في يونيو 2009، وتم ترحيله إلى لاظوغلي وحدثت مشاداة بينه وبين رجال الأمن، واعتدوا عليه بطول ممر الدخول وحتى باب الحجز، وتجمهر أمناء شرطة معتدين عليه، وأصيب في أماكن متفرقة من جسده، لحد أن خرجت خصلة من شعره في يد أحد المعتدين. ومكث أسبوعا ثم أعيد اعتقاله كيفما اتفق ليبقى في سجن دمنهور.


*كما لاحظنا من رواية المعتقل وزملاء له، فإن المضايقات تبدأ بعد الزيارة من الأهل أو مندوب السفارة الهولندية. يتم الاستعانة بمساجين أحيانا في تعذيب المعتقل. ثم يودع المعتقل في الحبس الانفرادي والتأديب.
* أورد المعتقل أسماء 5 ضباط على الأقل:المقدم محسن رمضان -أمن دولة، سجن الاستئناف، باسل- ليمان طرة 2006، مأمور سجن المزرعة، وأحمد عبد الرحمن ضابط أمن الدولة بالوادي الجديد، الضابط وئام. يتهمهم بممارسة التعذيب ضده، حكم على اثنين منهم بعقوبة بعد تحقيق في 2005.
* ليس هناك حالياً من يتابع الوضع القانوني للمعتقل، وقد قام محام سابق له بتمرير معلومات خاطئة عن مكان اعتقاله، كما كان يُعتقد أنه أطلق سراحه بالفعل قبل 3 سنوات.
* هذا، ولازال الأطفال الأربعة للمعتقل غير قادرين على رؤية والدهم منذ آخر زيارة له في 2006.

----
*  أميرة الطحاوي، القاهرة.
mirahi@gmail.com

S C