كتبت/ أميرة الطحاوي *
• أمضيت 6 أشهر في معتقل الوادي الجديد بمفردي.
• جنسيتي الهولندية لم تنفعني في شيء ولا أنوي البقاء في مصر إذا أطلق سراحي.
• هذه أسماء الضباط الذين أشرفوا على تعذيبي.
• التعذيب يبدأ بعد كل زيارة، والشلل أصاب قدمه اليمنى.
• أوصى بقبر له في السجن، ولم يرى أطفاله الأربعة منذ 3 سنوات.
• السفارة الهولندية تمول برامج تعليم حقوق الإنسان لضباط الشرطة وهذا ما فعله الضباط به.
على مدار السنوات من 2001 وحتى الآن، أفرجت السلطات المصرية عن عدد ممن لم تثبت المحكمة العسكرية ضدهم اتهامات فيما عرف بتنظيم الوعد المتهم أفراده بدعم حركات إسلامية بالخارج ومحاولة قلب نظام الحكم بمصر. وقد أفرج في بداية القضية عن 100 من المعتقلين وتوقع الإفراج عن البقية بسبب عدم كفاية الأدلة،لكن وفي أعقاب الحادي عشر من سبتمبر بأمريكا تم إحالة 98 متهماً - بينهم 13 طالبا - للمحكمة العسكرية، وحكم بالحبس على 51 منهم بمدد تراوحت بين عامين و أقصاها 15 عاما لثلاثة منهم، وأفرج عن البقية.
ومع ذلك فإن متهماً واحداً منهم لازال رهن الاعتقال الإداري في مصر بموجب قانون الطوارئ، وهو مصري يحمل الجنسية الهولندية، رغم انتهاء مدة حبسه في 2004 حيث حكم عليه بالسجن لثلاث سنوات. ومع التعتيم الأمني على هذه الحالة فقد كان يُعتقد أنه أطلق سراحه بالفعل قبل 3 سنوات. والتقينا خلال الشهرين الماضين بزملاء له لمعرفة مكانه وظروف اعتقاله، كما مررنا له بعض الأسئلة، وهذه قصة : هشام دياب، آخر معتقل بتنظيم الوعد والذي يتعرض لتعذيب متصل في سجون تنقل منها خلال الثماني سنوات الماضية، وقد تدهورت حالته الصحية مؤخراً بشدة حد إصابته بشلل في الساق اليمنى.ورغم جنسيته الهولندية فإن طلباً بالتخلي عن جنسيته المصرية قبل 4 أعوام لم يكتمل، والطريف أن هولندا والتي تمول سفارتها بالقاهرة برنامجا لـ "تعليم حقوق الإنسان" لضباط الشرطة المصريين، لم تتدخل لوقف تعذيب مواطنها على يد هؤلاء الضباط، وهو التعذيب المتصل منذ 8 أعوام والموثق بتقارير طبية وشهادة منظمات حقوقية مصرية بعضها يتلقى تمويلا هولندياً، ودولية ومنها منظمة العفو.
مواليد 1950، وهو نجل الكاتب والسيناريست محمود دياب وعمه هو الفنان التشكيلي إسماعيل دياب، حصل على بكالوريوس تصوير سينمائي من أكاديمية الفنون بالقاهرة، وعمل كمصور حر ومخرج أفلام تسجيلية، وفي 1985 كانت أول رحلة له لهولندا وبلجيكا وفرنسا وألمانيا واستمرت لثلاثة أشهر، ويقول إنه سافر بحثا عن الهوية لكونه تشرب بأفكار الغرب، وبحسب تعبيره فقد "كان يشعر أنه أحق بالغرب حتى من أهله"، وساعده في السفر حالة عائلته المالية ميسورة، وقام بالرحلة الثانية لهولندا في عام 1987 للعمل باستديو لاكين للتصوير ثم تركه ليعمل كمصور حر ومعد للبرامج، وقد تزوج بزميلته وهي هولندية و أنجب منها 4 أطفال، وحصل على دروس في اللغة الهولندية بجامعة اوتريخت89-1990، ثم غطى حرب الخليج الثانية لصالح بعض القنوات الغربية ثم قرر التوقف عن العمل بالإعلام "لم أرغب في المشاركة في توظيف ما أصوره لصالح وجهات نظر غربية غير عادلة تجاه الحرب" وفي 1990 قام بعمل فيلم عن الصوفية، وحصل على الجنسية الهولندية في 1991 دون شرط التنازل عن الجنسية المصرية. ثم عمل كأخصائي اجتماعي في مكتب بلدية أمستردام بعد حصوله على دبلوم اجتماع عام 1992، وعاد لمصر في ديسمبر عام 1995 ليسافر بعدها في 1996 للعمل بالمملكة السعودية كمصور في مركز أبحاث الحج بمكة، ثم إلى كوسوفو في 1998 لعمل فيلم وثائقي حول معاناة مواطنيها المسلمين هناك والاعتداءات ضدهم.
البداية: لاظوغلي 2001
في الثالثة فجر يوم 8- 5-2001 اقتحمت قوات الأمن منزله بمصر الجديدة، ونقلوه لمقر أمن الدولة بلاظوغلي معصوب العينين مكبل اليدين "سحبت إلى لاظوغلي بعد استيلاء الأمن على جوازي السفر المصري والهولندي والهويات الأخرى، وجهاز الكومبيوتر الخاص بي، وسط هلع أطفالي الأربعة وكان أكبرهم في السابعة من عمره".
ولمدة 45 يوما تعرض دياب للتعذيب "كنت أتمنى الموت، وبقيت طوال المدة مكبل اليد لم أنم على جنبي، معصوب العينين بخرقة قذرة مما تسبب في إصابتي بحساسية في العين، أعاني منها للآن. كنا ننام واقفين أو جالسين القرفصاء في ممر المبنى، وأصبت بجلطة في الساق.. وحتى الآن أتعاطى عقار ’ماريفان’ كمسيل للدم، وكان الضباط يركلوننا بأقدامهم كلما مروا علينا مع وابل من السباب، واستمر التحقيق معنا مساء كل يوم وحتى الصباح بينما نحن معلقين من الأرجل متدليين من السقف ونتعرض للضرب والصعق بالكهرباء المعروفة باسم ’العنبوكة’، كان الضباط يقولون لنا:تعرف أنا مين ياله أنا أبو لهب..أنا أبو جهل يا... إحنا زبانية جهنم 20 سنة صد عن سبيل الله "
كوسوفو:
طوال هذه المدة لم يتم توجيه أي اتهام له، كان الاهتمام بتفصيلة واحدة، هي سفره لكوسوفا "لماذا سافرت ومن ذهب معي أو التقيته هناك، كانوا يواجهوننا بحقائق لا صلة لنا بها، البعض اعترف بأشياء وهمية لمجرد النجاة من التعذيب.. قلت لهم أنني سافرت على نفقتي الخاصة إذ أردت تقديم أفلام مضادة للدعاية الغربية والأمريكية لما يحدث في كوسوفو وقبل تدخل الأمم المتحدة وأمريكا، ولتوضيح المواقف والممارسات التي تتم ضد المسلمين هناك، كما شاركت كغيري في توفير بعض الدعم المالي للانتفاضة الفلسطينية الثانية سبتمبر 2000، كنا نتبرع عبر الجهات التي تعلن عنها الحكومة أحيانا، بل وخصمت من مرتبات موظفيها.لم يكن الأمر سرياً".
لم تواجه السلطات دياب بأي قرينة أو مادة مصورة " لم يتم مواجهتي بأفلام صورتها في كوسوفو حيث قضى قصف جوي على معظم هذه المواد، وقد عدت لمصر بعدها بلا أي مشكلة لعامين..و حتى لو وجدوا، فلا أعتبرها تهمة؛ فهذا إنتاجي الذي كنت أعده للعرض العام، ومن الطبيعي ألا أداريه أو أخجل منه. لم أشاهد قتالا بل قصف ضد مدنيين وبالطبع لم أشارك في أي قتال، كنت أصور قصف القرى وترحيل مواطنيها، وقد أصبت خلال عملي، وبقيت هناك 45 يوما تقريبا، المواد التي نجت من القصف 4 شرائط يقارب كل منها 3 ساعات. وسلمتها لمن يفترض أنهم تولوا بثها عبر الانترنت".
واستمر التعذيب "كانوا يسألون عن أسماء لا نعرفها أو نسمع بها من قبل أو أشياء لم تحدث،كان التحقيق والتعذيب جماعياً وأحيانا لكل حالة بمفردها، في البداية كنت أشعر بوجود من حولي دون أن أراهم، واسمع التهديد والعويل والاستغاثة..علمت لاحقا أن عددنا 300، أصيب كثير منهم بإغماءات وأصبت بشلل مؤقت لأسبوع وبضيق في التنفس ونوبات ربو. وأصيب فتى في الثامنة عشر بانفجار في الخصيتين أثناء صعقه بالكهرباء،.. وبينما الممرضون ينقلون البعض للمستشفى، أتذكر صوت أحد الضباط : موِّت لنا كل يوم واحد.. وعلمنا لاحقاً أن اثنين على الأقل قد ماتا بسبب التعذيب".
في فجر 17 – 18 يونيو من نفس العام أرسل دياب وبقية المتهمين للنيابة الليلية "عرفت أننا في ميدان المحكمة مصر الجديدة من صوت الآذان المألوف لدي، والمنطلق من المسجد القريب من مسكني، كنت معصوب العين ومكبل، وجذبني ضابط من أمن الدولة كان يرافقنا من لاظوغلي وهددني أن أعدل عن أقوالي بتعرضي للتعذيب و إلا عدت لهم، وبالفعل تم إعادتي لجهاز أمن الدولة وتعرضت لوجبة جديدة من التعذيب، ولم يكن هناك محامي أو هيئة دفاع"
ثم رحِّل دياب وبقية المتهمين في 21 يونيو شبه عراة مكبلين إلى سجن استقبال طرة، وأودع كل 20 شخصا في زنزانة 3.5 * 3.75 م. وبعد 3 أشهر عرضوا على النيابة الصباحية بأمن الدولة، وتمكنوا أخيرا من الاتصال بالأهالي عبر المحامين الذين كانوا يتوقعون الإفراج لعدم وجود أدلة. وقد أشار بعض ممثلي الدفاع لوقوع "كشط في الأسئلة والإجابات المنسوبة للمتهمين" والتي جرت بمعرفة نيابة أمن الدولة العليا.كما تم "مسح" بعض أقوال المتهمين في مواقع متعددة في ملف القضية تتعلق بالانتفاضة الفلسطينية، ولم تعرض على المحكمة أية أسلحة أو متفجرات تحدثت عنها رواية الأمن.
واستمرت المتهمون بالقضية رهن الاعتقال في طرة لشهرين. كانت التهم هي : إنشاء جماعة غير مشروعه بغرض الاعتداء على الحريات الشخصية والحقوق العامة، والقيام بأعمال الرصد والاغتيالات لرجال الأمن والشخصيات العامة، وتفجير وتخريب منشآت ومؤسسات مملوكة للدولة و حيازة أسلحة ومفرقعات دون ترخيص خلال الفترة ما بين عامي 1996 إلى 2001. كذا جمع أموال لدعم الانتفاضة الفلسطينية، ومحاولة اختراق الحدود للوصول إلى الأراضي الفلسطينية.
موقف السفارة الهولندية:
يشعر دياب بمرارة كبيرة من موقف هولندا من قضيته حتى بعد أن أنهى مدة عقوبته في 2004 " عندما كنت في هولندا تلقيت دورات تعليمية عن الحقوق الاجتماعية وكيفية التعامل مع المواطنين، أعلم قوانينهم وضوابطهم والتي تحكم عمل أي مسئول هناك، واجتياز مثل هذه الدورات شرط للعمل والترقي في الوظائف العامة، لذا لم أتوقع موقف السفارة السلبي مني كمواطن هولندي أيضا...فمثلاً كان أول ظهور للسفارة في 2002 أي بعد 6 أشهر من الاعتقال رغم أن زوجتي أبلغتهم في اليوم التالي لاعتقالي"
وقد تكرر أن تأخرت السفارة في مجرد إرسال مندوب لها لشهرين كاملين رغم تدهور حالة المعتقل الصحية جراء تعرضه لتعذيب وحشي في 2005 كما سيرد أدناه. يقول دياب "صحيح أنا مصري، ولكني أيضا مواطن في بلد أوربي، أي في بلد يدعي الدفاع عن حقوق الإنسان ولا أفهم لماذا تتحرج من المطالبة بإطلاق سراح مواطنها يتعرض للموت "
كل زيارة بتأديب:
ظلت الزيارة ممنوعة وبعد عناء وواسطة ودفع إتاوة لضابط امن دولة في سجن الاستئناف "محسن رمضان" ودفع 500-600 جنيها له من أجل أي زيارة قصيرة.
وفي مايو 2003 طلب دياب من مندوب السفارة الهولندية استخراج تصريح زيارة لزوجته وأطفاله، وبعد دقائق من زيارتهم له " فوجئت بحصار الأمن لنا، وطلبوا مني الذهاب معهم للضابط باسم، والذي ما أن رآني حتى اخذ يكيل لي السباب بسبب طلبي من السفارة التدخل في استحصال إذن زيارة لزوجتي، وأمر بإخراج الزوجة والأولاد وصادروا كل ما أحضروه من طعام، وأودعوني حجرة التأديب ولم يكن الباب يفتح سوى مرة واحدة في اليوم، وأصبت بارتفاع ضغط دم ونقلت لليمان طرة في 7 يوليو، ورغم أن زوجتي أعلمت السفارة بما حدث في الزيارة. وحضر باسل الزيارة وسألني عن سببها وهددني إذا كنت أخبرتهم شيئا عن الأوضاع داخل السجن، وتكرر هذا الأمر في كل زيارة، ومنعت من الذهاب للعيادة ومنعت من التريض - الخروج من زنزانته لفناء السجن- وفي إحدى المرات عند عودتي من زيارة مندوب السفارة لي قام مجموعة من المساجين الجنائيين بالاعتداء علي باستخدام عصا ومواسير مياه، وككل مرة ذهبت بعدها للتأديب.
وقد أصبح هذا الأمر مرتبطا بأي زيارة لحد إنني طلبت من السفارة اتخاذ موقف لوقف هذا التعذيب ضدي أو عدم زيارتي، وفي أبريل 2004 رفعت قضية لإطلاق سراحي بعد ثلاثة أرباع المدة، وتم الموافقة على طلبي لكني لم أخرج ولا حتى علمت بالأمر إلا بعد 4 أشهر خلال زيارة مندوب السفارة الذي حضر الجلسة الحكم بإطلاق سراحي. وفي 8 مايو 2004 تم الإفراج عني ونقلت إلى لاظوغلي بعربة ترحيلات السجن. وكنت قد أرسلت قبلها بشهر شكوى للسفارة الهولندية أعلمهم أني في 8 مايو 2004 سيتم الإفراج عني وأنبههم لاحتمال استصدار قرار اعتقالي، وقال مسئولو السفارة لزوجتي هاتفياً أنهم سيتخذون اللازم وسيرسلون مندوبا بسيارة لاستلامي في هذا التاريخ، وهو ما لم يحدث. بقيت رهن الاعتقال لأسبوعين في لاظوغلي، وأصبت بذبحة صدرية وأعادوني لليمان طرة. وفي أكتوبر 2004 قدمت أول تظلم من اعتقالي للنائب العام وحصلت على إفراج قضائي، وتم ترحيلي للاظوغلي، وبقيت هناك حتى صدر قرار جديد باعتقالي وتم إعادتي للسجن. هنا تسلمت خطابا من السفارة "بأنه من الضروري أن أتنازل عن الجنسية المصرية" إن كنت أرغب في تدخل السفارة للإفراج عني مع أنهم لا يعدون بشيء. ورفضوا أيضا أن يخصصوا محاميا للدفاع عني، ورفضت وقتها العرض. وقلت إنني سأتنازل عن الجنسية المصرية عند خروجي: ليس حرصا عليها بعد كل ما حدث لي في بلدي، بل خوفا من أن أتنازل عن الجنسية ومن ثم تسقط عن أبنائي جنسيتهم المصرية،و قد أبقى في السجن وانقطع عن أولادي بجنسيتهم الهولندية إذا سافروا للخارج.
في 2005 نقلت لسجن المزرعة وكان ما عرف بقضية التعذيب المثبتة وقائعها في نيابة المعادي بتاريخ 7 يوليو2005، وحكم ضد المأمور وضابط المباحث، وقام المأمور وضابط أمن الدولة بالسجن أحمد عبد الرحمن، وواصل الاثنان تعذيبي، وفي 4 يوليو 2005 وبعد زيارة من أسرتي، استدعيت لمكتب ضابط أمن الدولة، وتوعدني المأمور بالقتل واني سأسُحب للتأديب "جثة هامدة" وفي الثامنة من صباح اليوم التالي اقتحم زنزانتي 30 من الحرس ومخبري السجن وبحضور المأمور وضابط السجن وتم الاعتداء عليا بعنف باستخدام العصا ومواسير حديد وأحذية وارفف وكلابشات وتم سحلي ووضعت في التعذيب لثلاثة أسابيع مصابا بكسور في الضلوع و6 فقرات (2 صدرية و2 قطنية، و2 بالبطن) وإصابة في الركبتين وكدمات بالبطن وأجزاء الجسم والوجه.
أضرب دياب عن الطعام ومعي 3 بريطانيين و2 من روسيا ومصري يحمل الجنسية الأمريكية،وقدم معتقل بريطاني بلاغا ضد مأمور السجن بأنه هدد دياب بالقتل، وحضر ممثلون عن سفارات هؤلاء، (وهو ما أوردته العفو الدولية في تقريرها ونقلته صحف عدة)، فيما لم يظهر مندوب عن سفارة هولندا سوى بعد شهرين رغم إرسال أكثر من استغاثة لها.
يقول دياب " لم تظهر مندوبة عن السفارة سوى بعد شهرين، لتعود بتقرير يقول أن صحة المعتقل جيدة. رغم تأكيد مندوب السفارة البريطاني انه أرسل للسفارة الهولندية – وكانت بريطانيا الرئيس الدوري للاتحاد الأوربي آنذاك. والطريف أن الخارجية الهولندية نقلت لاحقا لوالدة زوجة المعتقل وهي هولندية أن زوج ابنتها بخير ولا صحة لما. ورغم أن هناك تقرير للطبيب الشرعي يثبت الاعتداءات ورغم إضراب السجناء الأجانب ورغم أن تحقيقا جرى وتم الحكم على المأمور وضابط المباحث ونقل ضابط أمن الدولة من السجن.
وكان خلافا سابقا بين نفس الموظفة ودياب في 2000 حول معاملة إدارية تخص تسجيل مولد ابنه الأصغر.
إني أرى قيصر عاريا وقبيحا
7 مايو 2006 : وبعد الزيارة الأخيرة من أسرته له، وعند عودته لزنزانته اعتدى عليه سجناء جنائيون وعساكر بتحريض من الضابط باسل، وتحطيم الأمتعة والاستيلاء على بقيتها، :توعدنه باسل أنه "سيصفيني"، وتم إيداع المعتقل التأديب، وفي الصباح قذف العساكر بمياه المجاري والقاذورات من فتحة الزنزانة العلوية وامتلأت بها أرضية الزنزانة التي بقى لأسبوع حتى تم ترحيله لسجن الوادي الجديد في 21 يونيو 2006 في الثانية صباحا، وقال له أحمد الشريف ضابط أمن الدولة هناك "إحنا جايبينك هنا عشان نصفيك..إحنا قرفنا منك وأنا بقى اللي ها أقتلك".
وبدأ حفل الاستقبال بالضرب والسحل حتى كسرت يده اليسرى، ولم يعرض على طبيب بل أودع التعذيب لأسبوعين، وهو ما يثبته محضر إثبات حالة بنيابة الخارجة المسائية يوليو 2006 " أضربت عن الطعام وعرضت على طبيب أخيرا، ووضع يدي في الجبس وتقدمت ساعتها بشكوى للنيابة" وهنا حاولت إدارة السجن مساومته للسماح له بالتريض والعلاج مقابل أن يقول أنه سقط على يده، وحضرت إدارة السجن شكواه أمام وكيل النيابة.
ثم قاموا بالاعتداء عليه مرة أخرى في نوفمبر 2006 اقتحم مخبرون وحرس بقيادة ضباط يدعى وئام، واعتدوا عليه بالضرب المبرح، مما نجم عنه إصابات في العين واليد اليمنى والظهر، وكما كل حملة ضرب جماعي تلي كل زيارة، فقد أودع دياب في التأديب، لكنه تمكن هذه المرة من تحرير محضر أمام النيابة بتاريخه. وكان هناك معتقلان آخران شهدا بما حدث له حيث تعرضا لحملة تعذيب مماثلة في نفس اليوم. واثبت حالته في تقرير للطب الشرعي وأودع التعذيب 10 مرات من يونيو 2006 وحتى يونيو 2008 في حبس انفرادي- حجرة 41 سم * 2.5 مدهونة بالقار - ثم أودع وحيداً في عنبر كامل تحت حراسة مشددة، وقضى شهرين في العام الأول له بالوادي بمفرده في السجن كله – حيث جرى ترحيل بقية المعتقلين لسجون أخرى وفق ترتيب مصلحة السجون، وفي آخر 4 أشهر من فبراير وحتى يوليو 2008 كان دياب بمفرده أيضا في كل السجن!.
بعد ترحيله للوادي ناشدت زوجته السفارة لإعادته لسجن قريب من منطقة سكناه الأصلية وعائلته، الطلاق فبراير 2008، وتخشى على حياته وبعد شهرين جاء القنصل للوادي، وبعد 6 اشهر ومعه هدية صابونة من الفندق الذي نزل به وبعض الفاكهة وملحق إعلاني من جريدة هولندية، ملفوفة في ورق سوليفان، ألقيتها في سلة المهملات بعد خروجي من حجرة الزيارة أما الجميع وصرحت له أني لا أريد مقابلته مرة أخرى. جاء مرتين لاحقا ولم أخرج لمقابلته, تجدد الحديث عن التنازل عن الجنسية المصرية، وطلبت أن تتابع السفارة عبر محام يدفع هو أتعابه الأمر لكنها رفضت، ووفق نصيحة محام فإن المعتقل لو قدم الطلب بنفسه أو عبر محام مصري فسوف تستغرق عاما وسيكون القرار بالرفض. ومن شدة وطأة هذين العامين وتبخر أمله فقد أوصى المعتقل لأحدهم بأن يدفن في قبر اختار مكانه في السجن. وأخيرا وفي 21 يوليو 2008 تم ترحيله لسجن دمنهور الموجود به حالياً.
سألته عن الخطوة المقبلة إذا ما أطلق سراحه "لا يمكن أن أبقى في مصر إذا كتب لي الخروج من محبسي.. كنت أفكر في التوجه للمحكمة الدولية لحقوق الإنسان بشكوى ضد الحكومة المصرية والسفارة الهولندية..لكن لن أفعل ذلك بينما أنا مسلوب الحرية، كما أنني لا أريد أن أشكو لغير الله" وهو يعتبر سلبية السفارة نوعا من التواطؤ ضده، ويعتبر أن ممارسات الأمن ضده قتلا بطيئا، وقد هدده بالقتل حرفيا ضباط عرف منهم بالاسم : أحمد شريف وباسل.. وفي مارس الماضي شهد دياب في محبسه الحالي بسجن دمنهور حالة وفاة محمد عقل، ضابط الشرطة السابق بعد أن أمضى 5 سنوات بالمعتقل.
الوضع الصحي للمعتقل حالياً:
وكان دياب قد حاول منذ إصابته في سجن المزرعة عام 2005 الحصول على علاج لإصابة ظهره، وأثناء وجوده في سجن الوادي تمكن من عمل أشعة رنين مغناطيسي بمستشفى أسيوط، وقرر الطبيب مستشفى سجن دمنهور بضرورة إجراء عملية جراحية، تسبب الانزلاق في ضمور الساق اليمنى وبداية أعراض شلل بها ووصل لأصابع القدم ؛ حيث يمنع الضمور تدفق الدم للأطراف، يعاني المعتقل من صعوبة في الحركة، ويعاني من
• جلطة الساق: منذ الحبس الأول في لاظوغلي 2001 لمدة 45 يوماً، يوجد تقرير طبي.
• ذبحة صدرية - ربو خلال ال15 يوما التي أفرج فيها عنه وبقى في لاظوغلي 2001.
• ارتفاع ضغط دم- سجن الاستقبال
• جيوب أنفية (سابقة على الاعتقال)
• حصوات بالكلى- بسبب الاعتقال في الوادي الجديد، يوجد تقرير طبي.
• سقوط 6 أسنان أمامية بسبب عدم حشو الجذور، وحدوث خراج دون علاجه، الأخير منها في 5 أغسطس 2009.
حصل دياب على آخر إفراج في يونيو 2009، وتم ترحيله إلى لاظوغلي وحدثت مشاداة بينه وبين رجال الأمن، واعتدوا عليه بطول ممر الدخول وحتى باب الحجز، وتجمهر أمناء شرطة معتدين عليه، وأصيب في أماكن متفرقة من جسده، لحد أن خرجت خصلة من شعره في يد أحد المعتدين. ومكث أسبوعا ثم أعيد اعتقاله كيفما اتفق ليبقى في سجن دمنهور.
*كما لاحظنا من رواية المعتقل وزملاء له، فإن المضايقات تبدأ بعد الزيارة من الأهل أو مندوب السفارة الهولندية. يتم الاستعانة بمساجين أحيانا في تعذيب المعتقل. ثم يودع المعتقل في الحبس الانفرادي والتأديب.
* أورد المعتقل أسماء 5 ضباط على الأقل:المقدم محسن رمضان -أمن دولة، سجن الاستئناف، باسل- ليمان طرة 2006، مأمور سجن المزرعة، وأحمد عبد الرحمن ضابط أمن الدولة بالوادي الجديد، الضابط وئام. يتهمهم بممارسة التعذيب ضده، حكم على اثنين منهم بعقوبة بعد تحقيق في 2005.
* ليس هناك حالياً من يتابع الوضع القانوني للمعتقل، وقد قام محام سابق له بتمرير معلومات خاطئة عن مكان اعتقاله، كما كان يُعتقد أنه أطلق سراحه بالفعل قبل 3 سنوات.
* هذا، ولازال الأطفال الأربعة للمعتقل غير قادرين على رؤية والدهم منذ آخر زيارة له في 2006.
----
* أميرة الطحاوي، القاهرة.
mirahi@gmail.com