الثلاثاء، 1 مايو 2012

#Sudan #NIMN اتحاد الكتاب السودانيين: بيان حول حرب هجليج

وصلني سابقا ومعذرة لتأخر النشر

ما زال ”تجار الحروب“، أعداء التعايش السلمي وحسن الجوار، في كل من جمهورية السودان ودولة جنوب السودان، يحققون "نجاحات" مؤسفة على هذا الصعيد، كان آخرها مفاقمة أجواء التوتر، وتصعيد نذر المواجهات العسكرية، والتهديد بتحويلها إلى حرب شاملة بين البلدين، حيث وقع في هذا السياق، مؤخراً، احتلال قوات الجنوب لمدينة هجليج السودانية لأيام طوال، جوبهت خلالها، ليس فقط بعمليات حربية شرسة من جانب القوات المسلحة السودانية، وإنما أيضاً برفض سياسي حازم من جانب أوسع القوى الوطنية والإقليمية والدولية. على أن أخطر ما في تلك المواجهة أنه لا يوجد ما يطمئن على عدم تكرارها، أو تحولها إلى سجال لا يبقي ولا يذر، لكل "دمار" فيه "رد دمار"، خاصة وسط أجواء التعبئة العسكرية والسياسية والإعلامية التي انطلقت في كلا البلدين، دعماً لمحرقة الحرب التي خبرتها شعوبنا منذ ما قبل الاستقلال، ومهرتها بالنفيس من الأرواح والدماء والموارد.


ينبغي أن تعي شعوبنا أن ثمة قوى، في كلا البلدين، تستثمر في الخراب، وتندفع بنا نحو حرب طاحنة لن تقف عند مناوشات الحدود، بل ستحرق موارد البلدين في أتون حرب شاملة بلا طائل، في وقت يُصنف فيه البلدان، من جانب أوثق الدراسات والإحصائيات العالمية، ضمن أفقر بلدان العالم، صحة وتعليماً وغذاءً ومياهاً صحية نظيفة.
بإزاء هذا الوضع يجدر أن نذكر، بادئ ذي بدء، بموقف اتحادنا الثابت، الداعم للسلام والوحدة، والرافض للانفصال والحرب، باعتبار ذلك بمثابة الشرط الاستراتيجي الأبرز للتنمية المستدامة المأمولة. وإذ لم نتوان في التعبير الصريح عن هذا الموقف من فوق جميع منابرنا وبياناتنا ومؤتمراتنا ومجلتنا ”كرامة“، فإن اتحادنا لم يكن، يوماً، بغافل عن أن ثمة قوى نافذة في الجنوب، كما فـي الشمال، لم تخف، أصلاً، ومنذ ما قبل توقيع اتفاقية السلام، كراهيتها للسلام، وعدائها للوحدة، ورغبتها في فصل الجنوب، بل واتخاذ الاتفاقية نفسها، عند توقيعها، مطية، للمفارقة، نحو هذا الهدف اللعين! تلك هي ذات القوى التي ما وفرت جهداً، طوال سنوات الفترة الانتقالية (2005 ـ 2011م)، في اصطناع العوائق والعراقيل أمام ”الوحدة الجاذبة“، فنجحت، من ثم، للأسف، في جعل نتيجة التصويت تأتي، عند تقرير المصير، لصالح الانفصال؛ كما وأنها هي نفس القوى التي دفعت، في وقت لاحق، باتجاه التراجع عن البروتوكول الإطاري الموقع فـي أديس أبابا، فـي 28 يونيو 2011م، مما هيأ لفتيل الحرب الأهلية أن ينفلت من عقاله في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق؛ ثم ما لبثت هذه القوى الجنوبية ـ الشمالية المتحالفة، موضوعياً، أن عادت لإدخال العصي في عجلة الاتفاق الذي تم التوصل إليه فـي العاصمة الأثيوبية أيضاً، بتاريخ 13 مارس 2012م، حول مسائل مصيرية، كوقف العدائيات، والحريات الأربع، وعقد قمة للرئيسين في جوبا؛ تلك البداية المبشرة التي كان من شأنها أن تعين على تيسير التعايش السلمي وحسن الجوار، مستقبلاً، وتمهد، في نهاية المطاف، طريقاً سالكة نحو استعادة الوحدة.
إننا، مثلما اتخذنا موقف الاحترام لحق شعوب الجنوب في تقرير المصير بالنتيجة التي أسفر عنها التصويت، أعلنا، بوضوح، ونعلن مجدداً، عن حقنا في بذل كل جهد ممكن للترويج ونشر الوعي، ديموقراطياً وسلمياً، حول جدوى استعادة الوحدة، في المستويين الرسمي والشعبي، وفق أسس جديدة تتسم بالعدل، والتكافؤ، والمساواة، حيث تنهض حقوق الجميع وواجباتهم على المواطنة، بصرف النظر عن الدين، أو العرق، أو الثقافة، أو اللغة، أو ما إلى ذلك. ومن نافلة القول أننا نلزم أنفسنا في هذا المسعى النبيل بالتنسيق مع كل القوى الحية في مفاصل مجتمعات الشمال، وكذلك بالتعاون المبدئي، العلني، والشفاف، مع إخوتنا الكتاب والمثقفين الوحدويين كافة في دولة جنوب السودان.
ولا جدال في أن أول المبادئ التي يتأسس عليها منظورنا هذا للعلاقات بين بلدينا وشعوبنا، وإلى حين تحقيق أملنا باستعادة الوحدة، إنما هو صون سيادة دولتينا، كأمر واقع، ورفض أي اعتداء على أراضيهما. إن ذلك يعني، بالنسبة لنا في جمهورية السودان، رفض أي اعتداء على سيادتنا، أو انتقاص من أراضينا، ﻻ نفرق في ذلك بين أرض وأرض، من حلايب إلى الفشقة إلى هجليج، وﻻ نتسامح مع المعتدين من أي حدود وفدوا، من الشمال أو الشرق أو الجنوب!
الأمانة العامة
22 أبريل 2012م

S C