رقصة حروب السودان:
هجليج/ بان ثوك قمة جبل الجليد المنهار !
الإثنين 23 أبريل 2012
" إن تزوير الإنتخابات يؤدي لتمدد المؤتمر
الوطني الكامل في الدولة بما يعيد إنتاج دولة الحزب في صورتها عقب إنقلاب 30 يونيو
89، وبكافة خصائصها من إقصاء للتعددية والحريات، ونشر ثقافة العنصرية واتهامات
التكفير، وإعادة سطوة الإسلام السياسي والتمدد الأصولي والخلايا الإرهابية
والمليشيات، ومحاولات فرض وحدة قسرية على جنوب السودان، فضلاً عن تقنين ممارسة
العنف والقمع ... إن مترتبات الإنتخابات تضيف لأزمات وطن يعيش في ظل سياقات متعددة
من الصراع، وإن النجاح في منع إندلاع العنف قبل وبعد الإنتخابات مباشرة لا يعني
إنتفاء عوامل إنفجاره في أي وقت قريب".[1] المجموعة السودانية للديمقراطية
اولاً، 4 مايو 2010
إستيلا الجيش الشعبي لجمهورية جنوب السودان على منطقة هجليج/
بان ثوك البترولية، والمعارك العسكرية الضارية بينه وبين القوات المسلحة لجمهورية
السودان، ومن ثم إنسحابه من المنطقة الحدودية، إعاد دولتي الشمال والجنوب السودان
الى قمة الزخم السياسي والدبلوماسي والاعلامي العالمي والمحلي، مصدرين لأزمات وحروب
السودان المتعدده مره اخرى. حيث جاء التحرك العالمي والإقليمي للحيلوله دون
إمكانية عودة الدولتين للحرب الشاملة مرة أخرى، في حين تجاهل ذات الزخم حروب
السودان الاخرى المستمرة والأكثر وحشية ووضوحاً خلال ما إنقضى من أشهر.
المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً تعتقد أن أزمة هجليج/ بان ثوك،
والتصعيد المكثف المصاحب لها، تمثل فقط ما أرادت الحكومة السودانية بحزبها الحاكم من
تصعيده وإظهاره للعالم ولداخل السودان من جبل جليد الأزمات والحروب السودانية،
والمهددة كافة أركانه وصخوره بالإنهيار الكامل. ففضلاً عن القيمة البترولية
للمنطقة في حسابات حزب المؤتمر الوطني الحاكم بعد ذهاب الجنوب مستقلاً ببتروله
وبدايات إنهيار الإقتصاد السوداني، مثلت هجليج/ بان ثوك الأطروحة والمحاولة
الأخيرة للتماسك الداخلي للحزب الحاكم وقواته المسلحه، بعد التشظيات المتتالية، ولمحاولاته
في بناء جبهة داخلية، تفك عزلته التاريخيه، يتماهى عبرها مفهوم الوطن مع الحزب
الحاكم بإستخدام وسائل إبتزاز المجتمع السوداني وقواه الحيه ووضعها بتهديدها إما للإنضمام
لما سمي بتحالف الخير أو تحالف الشيطان غير المعرف، إضافة للمواصلة في مخادعة وإبتزاز
المجتمع الدولي والإقليمي بالتضليل و/ أو التعطيل لآلياته الضعيفة اصلاً في التعامل
مع أزمات السودان. ما قبل وبعد الإستيلا على هجليج/ بان ثوك والمعارك بين دولتي
الشمال والجنوب وإنسحاب جيش جنوب السودان منها، تظل لوحة ما تبقى من السودان ملطخة
بدماء ومعاناة الملايين من مواطنيه من مختلف جغرافياته. فالتاريخ المعاصر للأزمات
والحروب في السودان لم يبدأ فيما إنقضى من أيام بإندلاع الحرب في هجليج/ بان ثوك.
حيث ظل نظام حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ليس كما هو مؤثق
خلال العقدين والنصف من عمره، بل خلال الأشهر القليله المنصرمة، ظل يشعل ويدير
لخمسة جبهات من الحروب ضد مواطنيه سواء في النيل الأزرق، جنوب كردفان/ جبال النوبة،
أبيي، دارفور، إضافة لحربه عابرة الحدود في مواجهة اللاجئين الفارين لدولة جنوب
السودان الوليدة، مخلفة للآلاف من القتلي والملايين من الضحايا والنازحين(ات)
واللاجئين(ات). إشعال الحروب وتزايد القمع من قبل نظام الخرطوم تتكامل عناصرها ايضاً
نحو الانفجار وإستمرار القمع في شرق السودان، وفي الشمال الأقصي، بل حتي في قلب
الخرطوم العاصمة.
موقف المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً من إستيلا جيش
دولة جنوب السودان على منطقة هجليج/ بان ثوك[2]
وإنسحابه منها[3]
أنها تمثل أزمة ضمن أزمات وقضايا ما بعد إتفاق السلام الشامل، فاقمته دولة الجنوب
بتصعيدها الأمني على حساب السياسي التفاوضي. الا ان أزمة هجليج/ بان ثوك تندرج كذلك تحت حزمة قضايا
تحديد وترسيم الحدود بين الدولتين، كما تعبر عن فشل الدولتين في حل إختلافاتهما
بالطرق السلمية والحوار. وتضاف الى أزمات ما بعد إستقلال جنوب السودان كافة
القضايا والمواد التي فشل طرفي إتفاق نيفاشا من إنجازها خلال الفترة الإنتقالية، بما
فيها قضايا إرتباط أو فك إرتباط علاقات الدولتين ببعضهما مثل قضايا المواطنه
والبترول والديون، بل ايضاً تضم قضايا،
مثل السلام في مناطق الصراع الأخرى ومستقبل المشورة الشعبية بعد تجاوزها بأشعال
حروب جنوب كرفان والنيل الأزرق، وقضية التحول الديمقراطي في المركز واللامركزية
والهوية الوطنية والترتيبات الأمنية والإقتصاد وغيرها من قضايا كانت تهم السودان
لا تزال تمثل مصدراً للنزاعات والحروب في السودان الشمالي بسبب التعنت المستمر
وهيمنة حزب المؤتمر الوطني.
بعيدأ عن حالات الإبتزاز وحملات التعبئة السياسية العسكرية حول
الوطنية وما يسمى بوحدة الصف السوداني، فإن المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً
تبني موقفها الموضوعي على ان كافة قضايا وترتيبات ما بعد إتفاق السلام الشامل، بما
فيها موقع وقضية هجليج/ بان ثوك، يجب ان تصل لحلول بناءة ومرضية للدولتين بما يضع
إعتباراً كافياً وداعماً للترابط التاريخي والإجتماعي والثقافي والإقتصادي على مدى
قرون من الزمان بين شعبيّ الدولتين. خلافاً لهذا المنهج في التعامل مع ترتيبات ما
بعد نيفاشا، فإن أياً منها يمثل مصدر توتر وإندلاع حرب بالقدر الذى تمثله من مصدر للسلام
والتعاون، سواء داخل السودان الشمالي أو بين الدولتين. والتجربة القريبة والمؤثقة
قبل الإستيلاء العسكري لجنوب السودان على منطقة بانثوك/ هجليج، وكما ظلت تراقبها
مجموعة الديمقراطية أولاً والعديد من المؤسسات الدولية والإقليمية، بما فيها بعثة
الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي طالها عدوان وتدمير بنياتها من قبل جيش الحزب
الحاكم، تنضح هذه التجربة بالمحاولات المستمرة لإثارة التوتر ومخالفة منهج التعاون
والإستثمار في المستقبل البناءة من قبل السلطات في الخرطوم. والشواهد لا تحصى من
كثرتها في سجل حزب المؤتمر الوطني، بدءاً من الرفض المستميت للجنسية المذوجة لمن
يحمل جنسية الشمال بالميلاد من الجنوبي(ة) بالأصل، مروراً بالتكلفة غير العقلانية
لمرور بترول الجنوب عبر أنابيب الشمال والإستيلاء سراً على بعضه، والسياسات
النقدية وحرب العملات، وفرض حصار إقتصادي وغذائي على الجنوب، والنكوص عن إتفاق
أديس أبابا الإطاري الموقع مع الحركة الشعبية لتحرير السودان: شمال، و إعادة إشعال
الحرب في جبال النوبة والنيل الأزرق، والحملة المضادة لتكسير إتفاق الحريات الأربع
الخاص بالمواطنين الجنوبيين في الشمال، والإستيلاء العسكري والأمني على مناطق أما
داخل الجنوب أو الإستيلا على مناطق غير محددة الإنتماء بعد مثل أبيي وتشريد مئات
الألاف منها نزوحاً أكثر من مره، هذا إضافة للعشرات من الهجمات والقصف الجوي للمناطق
وللمواطنيين داخل أراضي الجنوب، بما فيها مناطق إنتاج البترول بولايات الوحدة
وأعالي النيل وشمال بحر الغزال. إن مجموعة الديمقراطية أولاً ترى أهمية معرفة ان بداية
تاريخ العنف والحروب الحالية لم تبدأ بإحتلال جيش جنوب السودان على بان ثوك/
هجليج، بل ترتبط بكافة مراحل وتواريخ بداية الحروب الحالية، وإن الإحاطة والبداية
الصحيحة بتوضيح محطات العنف المستمر هذه هو ما يضع أزمة هجليج/ بان ثوك في سياق
حروب السودان الأخرى، دون إنتقائية وتجزئية وعمىَ متعمد، وهو ما يمثل الخطوة الوحيدة
والأسلم لإقتراح الحلول والمعالجات المبدئية. وتمثل هذه النقطة إحدى الرسائل
الرئيسية التي توجهها مجموعة الديمقراطية أولاً للمجتمع الدولي والإقليمي في تعامله مع أزمات
وحروب السودان لكي تسهم فعلاً في تحقيق سودان مسالم عادل وديمقراطي. .
وإذ توجه المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً هذه الرسالة
للمجتمع الدولي والإقليمي، تشعر بالقلق على مستقبل وإستقرار السودان والذي على
رأسه رئيس يحتفى راقصاً عند تدشين كل حرب وممارسات قهر وقمع تحول مواطنيه إما إلى
موتى أو ضحايا أو منزوعي الكرامة بفعل أوامره وسياسات حزبه الحاكم، والتي لا تعرف
سوى القصف الجوي، القتل، التعذيب، الإغتصاب، العنصرية، الإقتلاع من الجذور للملايين
من النازحين(ات) واللاجئين(ات) من ديارهم، ومنع الطعام والدواء والمأوى للمحتاجين
بدفعهم(ن) بقسوة نحو المجاعات والموت المجاني. لقد أكثر الرئيس السوداني عمر
البشير، والمطلوب دولياً لإتهامه بإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير
العرقي ضد مواطنيه، أكثر الرئيس من رقصات الحرب. رقصات حروب البشير لخصتها الكاتبة الجزائرية أسماء بن قادة في مقالها بعنوان " الإسلام
والدين والإيديولوجيا - قراءة في رقصة البشير". ذكرت
أسماء في مقالها: عندما يرقص الرئيس السوداني البشير، فالأمر يختلف تماما، إذ عليك أن تتهيأ وتتوقع وتتساءل وتتطلع إلى ما ستنتهي إليه
الرقصة البشيرية من قرارات
خطيرة، فرقصة البشير دائما رقصة حبلى يعقبها مخاض خطير، والتنبؤ بنوع الجنين فيها صعب، ولكن لك أن تتوقع شيئاً واحداً فقط يكمن في أن
الجنين إما أن يولد مريضاً أو
ينتهي بمفارقة الحياة؟ في هذا السياق، ترى
المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً إن رقصة حروب الرئيس البشير تمخضت عن خطورة
تصريحاته الأخيرة، والتي كررها نائبه الأول على عثمان طه، بما فيها محتوى وكثافة
حملات التعبئة العامة من أجل الحرب خلال الأزمة الأخيرة بدعوته الصريحه وإعلانه عن
تغيير النظام الحاكم في جمهورية جنوب السودان، والإساءات العنصرية المباشرة ضد
مواطني وحكومة جنوب السودان وغيرهم من المواطنيين السودانيين ممن لا يساندونهم(ن)
في السودان الشمالي.
حرب هجليج/ بان ثوك مثلت وتمثل قمة جبل الجليد، والتي يسعى
عبرها حزب المؤتمر الوطني الحاكم وقواه الأمنية المختلفة في حماية نفسه وفك عزلته
وتحقيق تماسكه الداخلي وإستمراره في الهيمنة والقمع والفساد والإفلات من العقاب
عبر نشر الحروب وإرهاب الشعوب السودانية. الأزمة الأخيرة بين دولتي شمال وجنوب
السودان كشفت، فيما كشفت، عن إستراتيجية الحزب الحاكم في الخرطوم، ليس فقط عن إعلانه
الصريح بالإستيلا وسحب الإعتراف بإستقلال دولة الجنوب وإعادة إحتواء جنوب السودان بخيراته
وبتروله، دون شعوبه وموطنيه، بل بالإفصاح عن العودة لإستراتيجيات الحروب الدينية
والعنصرية ضد كل ما هو غير عروبوي و/ أو إسلاموي، مثلما إستخدمها في حروبه
المتعددة والممتدة منذ إنقلابه في 89 وحتى اليوم عبر حملات التعبئة العامة وتجييش المواطنيين
وتشكيك المليشيا القبلية وتعزيز أدوار المجموعات السلفية الإرهابية. لقد تم تطبيق
هذه الإستراتيجية في جنوب السودان، ويتم اليوم في غربه وفي دارفور وفي جنوب
كردفان/ جبال النوبة، وفي النيل الأزرق، وفي شرق السودان وفي وسطه ضد مواطني هذه
المناطق وضدالنازحين(ن)، وضد كل من يخالفه الرأى والإنتماء الأيدولوجي.
وتحذر المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً في هذا السياق من
إستمرار حملات التعبئة السياسية والأمنية القائمة على الإرهاب ، وأثارها السالبة والعاملة
على تحطيم الحياة السياسية والاجتماعية، وعلاقات القبائل في المناطق الجغرافية
المختلفة. فالمحتوى الرئيسي لهذه الحملات الدعائية الكثيفة يتمثل في العنصرية
المباشرة ضد من لا ينتمي للهوية الإسلاموعروبية، افراداً وجماعات، إضافة للإرهاب
الديني بدعاوى الجهاد والإصطفاف خلف حزب العقيدة، بقيادة الرئيس المتهم جنائياً
وحزبه الحاكم، ضد حلف الشيطان، فضلاً عن
ممارسة الإبتزاز السياسي للمخالفين في الفكر والعمل السياسي والمدني بدعاوى
الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية في مقابل تصوير الرافضين ضمن قوى العماله والخيانة
والإنتقاص من وطنيتهم(ن). ويسخر حزب المؤتمر الوطني في حملته هذه كافة وسائل
الإعلام الجماهيري المهيمن عليها بصورة تامة في السودان الشمالي، بما فيها العشرات
من الإذاعات المحلية ومحطات التلفزيون العامة والخاصة والصحف المطبوعة ومئات
الألاف من منابر المساجد، المهيمن عليها من قبل قوى السلفية والإرهاب، هذا إضافة
للجان الأمنية في مختلف الأحياء بالمدن والقرى.
وتلفت مجموعة الديمقرطية أولاً الإنتباه الى أن محاولات حزب
المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم بإرهاب الشعوب السودانية، وقواه الحيه ليست
بجديدة، والممثلة في حملات الإعتقالات الواسعة خلال اليومين الماضيين وممارسة
الضغوط والرقابة ومنع أنشطة مؤسسات المجتمع المدني المستقلة، فضلاً عن حملات
التشهير والإبتزاز ضد الناشطين المدنيين والسياسيين. إن تصوير الحرب والأزمة الحالية
من قبل الحزب الحاكم في الخرطوم بانها حرب سيادة
من أجل الوطن، ولا بد من الوقوف خلفه ورئيسه، عبر ممارسة الابتزاز الترويج
بان الحزب والوطن يتماهيان ويتحدان ومن يخالف ذلك يقع تحت طائلة إتهامات التخوين
والتجسس والعمالة. وتذكر مجموعة الديمقراطية أولاً بان حملة التعبئة العامة
الحالية توظف فيها ذات مناهج وأدوات الإبتزاز والإرهاب السابقة ضد الشعب السوداني
وقواه المدنية الفاعلة عند إصدار المحكمة الجنائية الدولية للائحة إتهامات الرئيس
البشير بالتطهير العرقي والجرائم ضد الانسانية. فقد صور البشير نفسه بانه الوطن
وما يمسه يمس الوطن، ومن يخالف ذلك يقع تحت طائلة التجريم والعمالة. حملات التعبئة
العامة التي يطلقها حزب المؤتمر الوطني الأن بعد الأحداث الأخيره على الحدود
يستخدها أيضا في الكشف الكامل، غير المستتر، عن بنيته العنصرية والجهوية، والتي
مثلت في تحالفها مع دعاوى الجهاد المحفز والدافع الرئيسي لشن الحروب في الجنوب
ودارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي وشرق السودان، والان يسخر الحزب الحاكم لبث
العنصرية عبر وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية في تشجيع وتوسيع دوائر التعامل
الإستعلائي والإقصائي العرقي ضد مواطني السودان من هوامشه المتعددة.
إن
المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً تشدد على أن أزمة هجليج/ بان ثوك تمثل ما
ظهر من جبل جليد أزمات السودان. وما يقوم به الحزب الحاكم من حملات تعبئة وحملات
دعائية لا تعكس الحقائق وتلفق الأكاذيب الدعائية، وتهدف بصورة رئيسية لإيجاد
مشروعية تبرر للعنف والحروب من ناحية. ومن ناحية أخرى تعمل للتغطية على الإحتجاجات
والمقاومة المدنية السلمية في مختلف مناطق السودان من قبل القوى السياسية المعارضة
والقوى الشبابية والنسوية، وللفشل في مواجهة الإنهيار الإقتصادي والغلاء الطاحن
والهبوط الكبير لقيمة العملة المحلية، ولإخفاء التشضيات والإنقسامات داخل مؤسسات
الحزب الحاكم، وتظلمات ورفض ضباط وجنود المؤسسة العسكرية لمنهجية ودواعي شن
الحروب، إضافة للتغطية على إنتصارات المقاومة المسلحة المستمرة في مناطق جنوب كردفان
ودارفور والنيل الأزرق والدعم الشعبي الواسع لها ضمن سكان هذه المناطق، فضلاً عن
سيطرتها على جزء مقدر من أراضي السودان.
إن رقصات الحرب التي أدمنها الرئيس السوداني، وأعادها
مؤخراً بعد أحداث هجليج/ بان ثوك، تتطلب من الفاعلين الدوليين والإقليميين الى
الصحوة من غيبوبتهم والإنفكاك من إبتزاز الحزب الحاكم في السودان أو من هيمنة تيار
المحافظة والتسويات المهيمن عليها. وتدعو المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً في
هذا السياق القوى الفاعلة دولياً وأقليمياً الى، أولاً: إيجاد ممرات آمنه
بصورة عاجلة لتوفير العون الإنساني من مأكل وماء ودواء ومسكن لينقذ حياة الناجين
من موت قصف الطائرات ويواجهون الان الموت جوعاً، ثانياً: توفير الحماية
للمدنيين في مناطق الحروب الحالية عبر حظر الطيران العسكري وفرض العقوبات المشددة
في حالة إنتهاكها، ثالثاً: التعامل مع أزمات وحروب السودان المتعددة تعامل مبدئي
كلي غير إنتقائي أو مجزأ ضمن عملية شاملة لتحقيق السلام والعدالة والتغيير
الديمقارطي، وبمشاركة كافة القوى السياسية السودانية، وبما يضمن الإعلاء من مصالح ضحايا
الحروب والعنف في أي عملية سياسية، رابعاً: التحقيق المستقل من قبل هيئة
دولية في الجرائم والإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والتوصية باليات المحاسبة
والعدالة المناسبة، خامساً: توفير
الدعم السياسي والدبلوماسي الكافي وعلى مستوى أكبر من مجهودات اللجنة السامية
للإتحاد الأفريقي الحالية برئاسة الرئيس الجنوب افريقي ثامبو أمبيكي، سادساً:
العمل الجاد على تنفيذ كافة القرارات الدولية الصادرة تجاه السودان والخاصة بتهديد
الأمن والسلم الدولي والإقليمي، بما فيها دعم قرارات وأومر القبض الصادرة عن
المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة الجرائم المقترفة بدارفور، سابعاً: التأكيد على ان قضايا العدالة والسلام وحقوق
الانسان والديمقراطية والتنمية في السودان قضايا مترابطة لا تحتمل التجزئة، وإن
دعم أياً منها على حساب الأخرى لا يؤدي الى سوى المزيد من الإحتراب وعدم الإستقرار.
***
المجموعة السودانية للديمقراطية
أولاً: تحالف عريض من الديموقراطيين، نساء
ورجال، يضم النشطاء والمجتمع الأكاديمي، والنقابيون والنازحين(ات) والفاعلين(ات)
سياسياً من مختلف المناطق والخلفيات الجغرافية والثقافية في السودان. وتهدف
المجموعة بصورة رئيسية الى إيصال صوت الأغلبية الصامتة من السودانيين(ات) حول
قضايا الديمقراطية وترابطها الوثيق مع قضايا السلام والعدالة والتنمية. وتعمل
المجموعة بإرتباط وتنسيق وثيق مع المبادرات الديمقراطية المستقلة المختلفة،
السودانية والعالمية/ الإقليمية، فضلاً عن المجتمع المدني الستقل. للمزيد من
المعلومات والتقارير حول المجموعة السودانية للديمقراطية أولاً الرجاء زيارة: http://democracygroup.blogspot.com.
[1] إقتباس من تقرير سابق صادر في 4 مايو 2010 عن المجموعة السودانية
للديمقراطية اولاً قدم توصيف وتحليل لمترتبات وأثار الإنتخابات السابقة. للإطلاع
على النص الكامل للتقرير راجع : http://democracygroup.blogspot.com
[2] قرار محكمة لأهاي لم يكن مختص كما لم
يفصل حول موقع هجليج/ بان ثوك جنوباً أو شمالاً، كما لم يفصل ايضا حول شمالية او
جنوبية منطقة أبيي بالقدر الذي إعتنى بحدودها
كمنطقة. قرار لأهاي ذكر فقط إن هجليج/ بان ثوك ليست ضمن حدود أبيي، وبالتالي لا
يحق لمواطنيها التصويت للمشاركة في إستفتاء تقرير موقع أبيي جنوباً أو شمالاً.
هجليج/ بان ثوك، وغيرها من مواقع حدودية سقطت من حدود أبيي بعد المفاوضات والتحكيم
تعطي الدولتين الحق في إدعاء أياً من المواقع لتخضع للتفاوض والحل السلمي، مثلما
فعل جنوب السودان بإدعائه وطلبه من وسيط الإتحاد الافريقي لإدراج منطقة بان ثوك/
هجليج ضمن مفاوضات تحديد وترسيم الحدود بين الدولتين، وذلك قبل شهور من إندلاع
الأحداث الأخيرة.
[3] بصدور ورقة الموقف التحليلية هذه تكون القوات المسلحة السودانية بدأت العودة الى
مواقعها السابقة بهجليج/ بان ثوك. هذه العودة يصحبها لغط وجدل متواصل، خاصة من قبل
حكومة الخرطوم وتوظيفها بكثافة لعودتها للمنطقة ضمن حملات التعبئة العامة السياسية
والعسكرية. ففي حين اعلنت جوبا قرارها بالانسحاب من المنطقة، قالت الخرطوم انها قد
هزمت ودحرت قوات دولة جنوب السودان. المعلومات التي تم تاكيدها لمجموعة
الديمقراطية اولاً من اطراف مستقلة في السودان وجنوب السودان، فضلاً عن قوى دولية
وإقليمية مطلعة، كلها أكدت للمجموعة إتخاذ جوبا لقرار الإنسحاب وإطلاعها للمجتمع
الدولي بذلك قبل تبني الخرطوم لخط النصر وهزيمة جوبا وتضمين ذلك في حملات التصعيد
وإستمرار الحروب.