بدأت الأهرام - مقبرة الأفيال- مؤخرا اهتماما أوسع بالملف السوداني، ومنذ بداية نوفمبر الجاري نشر الكاتب نبيل عمر مشاهداته من العاصمة السودانية الخرطوم، وانتويت -والنية لله- متابعتها لضمها في ارشيف السودان لكن يبدو ان مكانها سيكون مشروع المرصد الاعلامي؛ اذ فوجئت بأخطاء عجيبة تنشر من الحلقة الأولى.
واضطررت آسفة لارسال التوضيح التالي للكاتب. ولكن "هيهات منا الذلة" هذا لسان حال كل الكبار في الأهرام.. لا تراجع ولا تصحيح ولا رد.
وانشر الرسالة وقد نويت ايضا منذ منتصف نوفمبر ان اكتب عن اخطاء فادحة وقعت فيها في مقالات سابقة لي ولكن عن العراق. وخاصة حالة الخلط واللخبطة التي تتملكني عندما اعتمد علي ذاكرتي الصفيحية في الاسماء ونحوه.
في ٢نوفمبر٢٠٠٨
الاستاذ نبيل عمر
تحية واحترام
طالعت مقالكم بجريدة الأهرام الجمعة الماضية عن تسميات يطلقها السودانيون على سلع وأطعمة.
(بوش.. أكلة رخيصة سيئة الطعم في السودان.)
-فقط اشير لأن كلمة البوش قديمة منذ عرف الفول بالسودان ولا علاقة له باسم الرئيس الامريكي.
-كما ان الجنجويد ليست قبيلة في دارفور، بل هو اسم ظهر قبل خمس سنوات فقط، وعامة لا تنشأ القبائل فجأة، ويرده البعض لغويا لعبارة "جني جاي راكب جواد بالليل" أو تنويعات على نفس الجملة، المهم انه يطلق عمن يمتطون جيادهم-خيولهم ويقومون بالقتل والنهب وما شابه.
-وللتوضيح ايضا حول تسميات تعكس مواقف الشعب السوداني من شخصيات وردت بمقالكم، فإن الشعب السوداني قد يحب ريبيكا لأنها واصلت دعوة زوجها للسلام لكنه ايضا -وربما لهذا السبب يحبه- يقدر زوجها الراحل من قبل وبعد وفاته، ولا يكره حتى يطلق اسمه على السيء من السلع، اللهم الا لو كان القصد سؤ الحظ ووفاته المفاجئة.
أما سيلفا كير فهو محل تقدير من كثيرين ولكن ليس بشعبية أو كاريزمية قرنق فهو أقل من سلفه في هذا الصدد.
هذا وأتمنى لكم مزيدا من التوفيق
--
بوش.. أكلة رخيصة سيئة الطعم في السودان.
--------------------------------------------
جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام.
44525 السنة 133-العدد 2008 نوفمبر 1 3 من ذى القعدة 1429 هـ السبت
الخرطوم ـ نبيل عمر:
قد يدهشك أن تجد مواطنا سودانيا أمام محل موبايلات في السوق القديمة, أو مول حديث يناكف البائع ويرد إليه جهازا اشتراه قبل ساعات, قائلا له: لا, ما هو سيلفا كير, أريد سيلفا كير يا زول!.
وسيلفا كير هو النائب الأول لرئيس الجمهورية السودانية, وليس هو وحده الذي يطلق السودانيون اسمه علي سلع شائعة في الأسواق: تليفونات محمولة, سيارات, أحذية, أكلات.. لكن يظل المحمول والسيارات هما الأكثر جذبا لهذه النوعية من الأسماء.
السلع الجيدة تسمي بأسماء الشخصيات المحبوبة, والسلع الرديئة أو الرخيصة, فهي من نصيب الشخصيات المكروهة, والمدهش أن السودانيين ينسون تماما الاسم الأصلي للسلعة أو ماركتها, وقد لا يتذكرونها علي الإطلاق, ويتعاملون معها بالأسماء الكودية, هات لي وداد أو ليلي علوي أو ربيكا أو جون جارانج أو بوش, أو جنجويد.
وربيكا وجنجويد مثلهما مثل سيلفا كير تليفونات محمولة جيدة النوع, فجنجويد محمول يولع من كل جانب حين يرن, وإذا وقع لا ينكسر, وبطاريته طويلة العمر, وهو منسوب إلي قبيلة جنجويد في دارفور, أما ربيكا فهي أرملة جون جارانج زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان, وهي محبوبة لأنها حين قتل زوجها في حادث طائرة قبل سنوات, وحل محله سيلفا كير, لم تتخل عن فكرة السلام في السودان الموحد, فأحبها السودانيون, كما أحبوا سيلفا كير لبساطته وقربه من الناس.
وعلي العكس تماما, يأتي جون جارانج والرئيس الأمريكي بوش, فإذا كان جارانج قد مات, فإن بوش يحتكر كل السباب, ويطلقون اسمه علي أكلة رخيصة سيئة الطعم, هي فتة الفول المدمس, عبارة عن ماء فول يقطع فيه عيش جاف.. وربما هي أفضل وسيلة للانتقام يملكها السودانيون!.