الأربعاء، 11 فبراير 2009

عن تقرير Attacks on the Press in 2008

مزيد من التراجع في الحريات الصحفية بالعالم
عن إذاعة هولندا- القسم العربي*
القاهرة من أميرة الطحاوي
أعلن في القاهرة اليوم الثلاثاء عن تقرير لجنة حماية الصحافيين الدولية للعام ٢٠٠٨، وقال التقرير ان واشنطن في ظل ادارة اوباما عليها الاضطلاع بدور اكبر لمنع منتهكي حقوق الاعلاميين من الفرار من المحاسبة، فيما يجب الضغط على نظم عربية للتوقف عن ملاحقة اعلامييها بطرق مختلفة.

وجاء التقرير باللغة الانجليزية في٣٤١ صفحة من القطع المتوسط وعنون ب" Attacks on the Press in 2008“أو " اعتداءات على الصحافة2008" وتصدر طبعات محدودة منه بلغات أخرى لاحقا. وصدر في الآن ذاته في نيويورك ومدريد. واللجنة هي منظمة غير حكومية لا تسعى للربح تتخذ من نيويورك مقرا لها مع فروع في عدد من عواصم العالم.

ويخص التقرير بلدانا من أمريكا اللاتينية تشهد الانتهاكات الأكبر لحقوق الصحافيين لحد قتل العشرات منهم ، كما يرصد تفصيلا بلدان مثل البرازيل والمكسيك وفيتنام والصومال والصين واذربيجان والصين. ويلقي الضؤ على بلدان عربية بالأخص مصر وتونس والعراق ولبنان والصومال واليمن.

وفي افتتاحه للمؤتمر قال جمال فهمي عضو مجلس نقابة الصحافيين المصرية انها المرة الرابعة التي يدشن فيها اعلان التقرير السنوي من القاهرة، أنه شاهد على الكثير من الانتهاكات للحق في التعبير في مصر مشيرا للغرامات المالية التي بالغت الحكومة في تطبيقها على الصحافيين مؤخرا بما يجبر هؤلاء لدفعها بديلا عن الحبس.

أما كمال العبيدي مستشار لجنة حماية الصحفيين في المنطقة فقال انه سعيد بما سماه "مقاومة الصحافيين المصريين للقوانين السالبة للحريات ومواجهتهم لمحاولات جهات حكومية معادية لحريات الاعلام”.وان هذا أحد اسباب اختيار القاهرة للاعلان عن صدور التقرير.

وفي تصدير التقرير الذي كتبه كارل بيرنشتاين (وهو الصحافي الشهير الذي شارك في كشف النقاب عن فضيحة وتر جيت بما أجبر الرئيس الامريكي الاسبق ريتشارد نيكسون على الاستقالة)، تشن اللجنة انتقادات واسعة للاعلام الموالي للنظم التسلطية، معتبرا ان اهم المخاطر التي تحيط بعمل الصحافين ومعاونيهم ربما أكثر من عقود مضت هي الرقابة الذاتية التي يضطر لها الاعلاميون خوفا من الملاحقة.

وقسم التقرير في مقدمته( التي كتبها جويل سيمون المدير التنفيذي للجنة )دول العالم بحسب توجه نظمها الحاكمة من الحريات الصحافية والعامة، وهي النظم "القمعية" وتلك التي "تدعي أنها ليست القمعية" ، كما يشير الى البلدان والمناطق "حيث لا تكون الحكومات وحدها هي الخطر الرئيسي على الصحفيين أو قولهم الحقيقة”.ويقول ان الحرب علي الارهاب كان لها اثر مدمر علي الصحافة، وانه بينما قتل عدد قياسي من الصحافيين منذ بدء هذه الحرب قبل سبع سنوات فان تدهور البيئة القانونية الدولية ادي لطفرة هائلة في عدد الصحافيين الذين يزج بهم في السجون العام الماضي.

ويقول التقرير أن أكبر الأخطار التي تهدد حرية الصحافة ربما أكثر مما كان عليه الوضع قبل جيل كامل هو اشاعة مناخ الخوف و منهجية العنف بما يؤدي لقيام الاعلاميين بانفسهم بالرقابة الذاتية اتقاء للعنف الذي قد يواجهونه هم وذويهم، ليس فقط من الحكومات ولكن ايضامن الجماعات المسلحة والعصابات المحلية وزعماء تجارة المخدرات والحركات الراديكالية الإسلام التي تتجاوز الحدود الوطنية او لعدم الرغبة الصحافيين أنفسهم في الاصطدام بالثقافات السائدة والمستقرة في المجتمع.

وقيم العبيدي الاوضاع عربيا بانها تشهد تراجعا في صعيد حماية الحريات الاعلامية، بما في ذلك الدول التي تشهد للمرة الاولى صحفا معارضة للنظم السياسية المستقرة “فيما بقية الصحف الحكومية تأتمر بأوامر وزارات االاعلام اوالداخلية”.مشيرا لصحف وليدة نسبيا اثبتت جدارة في استقلاليتها مثل صحيفتي “ لا جورنال “ و”المساء” في المغرب أو المصري اليوم والبديل والدستور وغيرها في مصر.

وأشار محمد عبد الدايم منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لانخفاض عدد الصحافيين الذين قتلوا منذ بدء ما عرف بالحرب على الارهاب في ٢٠٠١ حيث قتل العام الماضي ٤٢ لكن نصفهم تقريبا قضي في منطقة الشرق الاوسط وحدها. مع احتجاز ١٢٥ صحافياوهو ما يماثل رقميا الاعوام الماضية.
واشار التقرير لما اعتبره البعض “بشرى” بمجيء الرئيس الأمريكي الجديد الذي ارسلت له اللجنة في الثاني عشر من يناير كانون ثان من هذا العام رسالة يطالبون بلاده باستعادة دورها "كمدافع قوي عن حرية الصحافة فيالعالم كله" معتبرين ان اهم الاخطار التي تواجه الصحافيين هو الافلات من العقوبة التي يحظى بها منتهكو حقوق الصحافيين كذلك ارتفاع معدلات احتجاز الصحافيين عبر العالم.

العراق:

ويقول التقرير عن العراق أن الصحافيين هناك وجدوا أنفسهم بين فكي القوات المسلحة والجماعات المسلحة.. مما أجبر الصحافيين أنفسهم على ممارسة ضبط ذاتي يجنبهم مواجهة الفريقين.مضيفا أن انخفاض معدل العنف ضد الصحافيين بالعراق عام٢٠٠٨ يعد مؤشرا ايجابيا لا يحب ان يغض النظر عن حالات الاستهداف الفردي ضد الصحافيين وعوائلهم ، واشار التقرير لما قامت به اللجنة من توثيق لست حالات اختطاف للصحافيين العام ٢٠٠٨ مشيرا لانخفاض متوسط عمليات الاختطاف(١٢ حالة ) وابرزها اختطاف "ريتشارد بتلر" مخرج ومصور برنامج ستين دقيقة الذي تبثه شبكة سي بي اس نيوز بالبصرة بمحافظة البصرة جنوب العراق في فبراير شباط الماضي .

وقيم التقرير ايجابا اوضاع الصحافين بالعراق استشهادا بانخفاض عدد من قتلوا منهم للنصف رغم استمرار التضييق عليهم .. فيما رد عبدالدايم على اغفال التقرير لحادثة القاء الصحافي العراقي منتظر الزيدي حذاءه على الرئيس الأمريكي السابق "جورج بوش" اثناء زيارته لبغداد في ديسمبر الماضي "التصرف الذي قام به تصرف شخصي ولا علاقة له بالعمل الصحفي ولم نتبن القضية التي لا علاقة لها بحرية الصحافة او التعبير".
وحدد عبد الدايم المعيار في حماية الصحافي هو ان يتعرض لمضايقات بسبب عمله او لمنعه من هذا العمل “لم يحارب الزيدي او تضطهده الحكومة بسبب عمله الصحافي” وبالتالي "لم نغطي قضيته من حيث المبدأ رغم أن هناك تعاطف معه علي اكثر من مستوى ولكن المنظمة تدافع عن صحافيين بمواجهة الانتهاك الحكومي أو غيره لحقوقهم”.

وعلق بعض الصحافيين بالمؤتمر انه بغض النظر عما قام به الزيدي ومدى "مهنيته" ولكن كان يجب ان تتابع اللجنة قضيته ما بعد المؤتمر حيث تم الاعتداء عليه بحسب صحافيين عراقيين وقال أحد المعلقين أنه كان يجب على اللجنة “أن تعيش مع منتظر في غياهب السجون”
واشار التقرير للدعوي القضائية التي رفعها الرئيس العراقي جلال طالباني ضد صحف كردية. وكانت اللجنة قد اصدرت في مايو ايار الماضي تقريرا توثيقيا خاصا بعنون "العراق الاخر" اشار لحالات القمع التي تشهدها الصحافة في اقليم كرستان العراق. كما زار وفد من اللجنة الاقليم لوضع اجراءات عملية لحماية الصحافيين هناك .
وضمن التقرير حادث مقتل الصحفي سوران مامه حمه في كركوك بعد نشره تقارير عن "صناعة البغاء" هناك، وهو ما تلقى على اثره تهديدات بالقتل وانتقادات حكومية.
وعن العلاقة بين اللجنة والنظم القائمة في العالم العربي قال كمال العبيدي مستشار لجنة حماية الصحفيين في المنطقة “ نحثهم علي احترامها ونضمنها لقاءتنا مع المسئولين وننقل لهم تصورنا بأن حرية الصحافة احد مفاتيح التقدم وليس من العدل ان تستمر هذه الدول في ادارة ظهرها للحريات وحقوق الانسان” مشيرا بالعلاقة الجيدة التي تحكم عملهم مع مؤسسات المجتمع المدني "لولا علاقتنا بهؤلاء لما استطعنا العمل في مناطق كثيرة من العالم تقل فيها الحريات خاصة الشرق الأوسط".

مصر:
واشار التقرير في القسم الخاص بمصر لعلامات زمنية فارقة في تدهور اوضاع الحريات الاعلامية بهذا البلد، و منها مبادرة وزير الاعلام المصري انس الفقي ونظيره السعودي اياد مدني بتقديم خطة عربية لتنظيم البث الفضائي مما ترتب عليه اصدار وثيقة مباديء تنظيم البث الاذاعي والتلفزيوني الفضائي عربيا في فبراير شباط الماضي والتي قيدت عمل الكثير من الفضائيات في نقد النظم الحاكمة.
واشار التقرير لحالات مضايقة تعرضت لها لاحقا فضائيات تبث من مصر بحجج تنظيمية وادارية مثل فضائية الحوار، او شركات توفر المواد الاخبارية ومعدات البث لفضائبا عربية وعالمية.
كما تعرض التقرير للقبض علي عدد من المدونين والناشطين اليكترونيا، واستمرار حبس المدون كريم سليمان لمدة اربع سنوات بتهمة الاساءة للاسلام ولرئيس الجمهورية المصري.
الطريف ان الدعوة لمزيد من الاهتمام بالمدونين والاعلام الإليكتروني جاءت من محمد الخولي المترجم والكاتب المخضرم.مطالبا بالانتباه للمخاطر التي يتعرض لها هؤلاء،وعلق عبدالدايم ان هناك “غياب للحماية المؤسساتية للمدونين بما يعرضهم لانتهاكات أكثر” معلنا عن تقرير خاص بالمدونين تزمع اللجنة العمل فيه هذا العام.

وعن قضية المعارض السياسي المصري “ايمن نور” والمحكوم بالسجن لاربعة اعوام.وكان تاليا للرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية العام ٢٠٠٥، قال العبيدي أنه رغم كونه صحافيا فيما سبق فان القضية التي يحاكم على اساسها هي “سياسية”.ومن ثم لم تضعها اللجنة ضمن تقريرها.
واثناء المؤتمر يعلن جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان عن توقيف قانون مقيد للحريات الاعلامية بدولة الامارات العربية المتحدة رغم مباركته من البرلمان الاماراتي.وهو ما اعتبر مؤشرا على دور المجتمع الاهلي والمثقفين حيث دشن هؤلاء حملة ضد هذه القانون بداية العام الجاري.

وردا علي سؤال من اذاعة هولندا العالمية عن الآلية التي تختار علي أساسها اللجنة زيارة البلد لتقصي الأوضاع به، قال العبيدي أن القرار يتخذ وفق المتوافر من معلومات عن تزايد الاعتدادات علي حرية الصحافة والصحافيين "في يونيو حزيران الماضي قررنا زيارة تونس بعد سلسلة من الاعتداءات علي الصحافيين وتم اصدار تقرير مفصل في شهر ايلول الماضي يعنوان “ الظالم الضاحك”.
كما تعرض التقرير للمضايقات التي تمت ضد الصحافيين في الاراضي الفلسطينية خاصة في فترة احتدام الشقاق بين الفصيلين الأكبر فلسطينيا "فتح" و"حماس".كما اشار للعوائق التي تمنع الصحافيين من تغطية الاحداث في بلدانهم ومنها منع صحافيين مصريين من الوصول لمعبر رفح الحدودي مع قطاع غزة اثناء اعتداء اسرائيل عليه منذ السابع والعشرين من ديسمبر العام الماضي.

المغرب العربي:
ورغم اشارة التقرير وعود الرئيس التونسي بن علي عن “دعوته لمضاعفة الجهود لحماي الاعلاميين وحرية الصحافجفقد وصف ال التقرير الدعوة بغير اجادة وأنها “كلمات بن علي ينقضها السياسات القمعية الحكومية “ واشار التقرير لسابق اصدره جويل كمبانا من اللجنة نفسها بعنوان “الظالم المبتسم” عن قائمة من المحظورات ومنها “ اهانة الرئيس “وتوقيف الصحافيين ومنع بعضهم من السفر بالاخص المستقلين منهم، وحظر العديد من المواقع الاليكترونية ومنها موقع يوتيوب الشهير الخاص بمقاطع الاقلام المصورة.
وانتقد "حفناي بن عامر غول النائلي الحسني" وهو صحافي من الجزائر تعرض لمضايقات امنية وصلت لحد حاولة اغتياله في يناير من العام الماضي، قول التقرير بوجود تحسن في اوضاع الصحافيين بالجزائر مشيرا لاجواء القمع ببلاده منذ العام ٢٠٠٤ ومنذ شن بوتفليقة حملة قمع على الصحافيين معربا وقتها عن اعجابه بالنظام التونسي في هذا الصدد. مضيفا ان هناك "152 قضية ضد صحافيين منها ٥٧ قضية رفعت العام الماضي حكم على ٢٢ منها بالسجن علي صحافيين فيما اغلقت منذ العام ٢٠٠٤ عدد ١٧ صحيفة اخرها اغلق العام الماضي”.
وقيم التقرير الاوضاع في المغرب سلبا حيث “تم استهداف الكثير من الصحافيين ووسائل الاعلام المستقل “ بسلسلة من القضايا ذات البعد السياسي”.
واشار التقرير لعقوبة السجن ضد الصحفي “مصطفي حرمة الله” من جريدة” الوطن الآن” .
*
http://www.rnw.nl/hunaamsterdam/media/11090202




S C