الاثنين، 3 يوليو 2006

كلنا مظاليم يا علي مظاليم

كلنا مظاليم يا علي مظاليم
أميرة الطحاوي

ولدنا العزيز "علي عبد القادر مظاليم" ولك من اسمك نصيب عظيم.علمنا أنه قبل أيام من امتحانات نهاية عامك الرابع بكلية التربية الرياضية بجامعة الإسكندرية المصرية قد تم فصلك من كليتك مع حرمانك من الالتحاق بأي جامعة مصرية أخرى بسبب قيامكم بعمل معرض لوحات تعبرون فيه عن رأيكم بحرم الجامعة! كما فصل معك ولعامين زملاء آخرون و حرموا من دخول الجنة- سكن الطلبة سابقاً، ،وهو قرار ريادي غير مسبوق أو ملحوق، ولم نسمع به منذ عهد جلالة الملك فاروق، لكن شهر يونيو حمل لنا قصصاً أخرى عن معاملة الطلبة من أصحاب الرأي بمصر؛ فلم تكن وحدك لتحوز هذا الشرف، وهو شرف لو تعلمون كبير.لكنك أولا أنت و زملاءك تتحملون المسئولية و بالمصري"تستاهلوا" فقد سبق هذا القرار تنويه أو تهديد لكم، ليس من قبل إدارة شئون الطلاب ولا رعاية الشباب و لا عميد الكلية، ولا من وكيل الكلية الذي قال لكم صراحةً " يا أنا يا انتم في الكلية دي " بل من جهة أخرى أهم من كل هؤلاء، من الأمن يا أخ علي، الذي حذركم صراحةً من دخول الجامعة وأبلغهم أنكم ستفصلون من الكلية سنة على الأقل، لكنكم كنتم حقاً ساذجين حيث صدقتم قول رئيس الجامعة لكم "ارجعوا كلياتكم .. وما تخافوش مش حيحصل حاجة"وكان عليكم أن تعرفوا جيداً من الذي يدير المكان الذي تتلقون فيه العلم، و لا تكابروا بالإصرار على فعلتكم الشنعاء ألا و هي إقامة نشاط طلابي.هل تعتبر مثلي أن قرار فصلك من كل الجامعات قد وضع بدهاء عميد كل كلية في موضع المشاركة في الجرم، هل تتصور أنك ستجد في مصر عميدا يتخذك ابناً له حتى تنهي ما تبقى لك من دراسة؟ هل تراهن على مجموعة 9 مارس لاستقلال الجامعات؟ هل تدعو عمداء كليات التربية وأي كلية يمكن لمستوى تحصيلك الالتحاق بها أن يعلنوا ترحيبهم بك وفق الإجراءات المرعية، هل ستصرخ بأن الصمت على هذا القرار معناه التأمين عليه كسابقة قد تتـكرر؟أيا كان شعورك الآن فأود إعلامك يا علي أنه قد لحق بك في الدرب ذاته قبل أيام طالب آخر، صحيح أنك مثال للطالب المجتهد و فصلت من كل جامعات المحروسة، لكن زميلك "أحمد الشوربجي" قد فاز بلقب الطالب المثالي وقد استلم شهادة تقدير من عميد الكلية، وفي اليوم نفسه تم منعه من الامتحان حتى قبل أن يتم التحقيق معه إداريًّا أمام مكتب الشئون القانونية بالكلية!، كما صدر قرار بشأن زميلين له يحرمانهما من الامتحان رغم أنَّ هذه أول مرة يُحالا فيها للتحقيق، ولو ثبتت التهم الموجهة لهم حقاً-وهي القيام بنشاط طلابي!- تكون عقوبتهم حسب اللوائح الإنذار فقط ، لكن هذه التجاوزات كلها من الطرائف التي تختص بها مصر وحدها دون العالم، ألسنا بلد العجائب؟.وأحب أن أخبرك أيضا أن زميلا آخر هو "محمد عادل" لم يكن عمره قد وصل للثامنة عشر بعد، ومع ذلك ألقي القبض عليه نهاية أبريل الماضي لمشاركته في اعتصام موازٍ لاعتصام القضاة المطالبين باستقلال سلطتهم، وقضى شهراً بالمعتقل مع السجناء من كافة الأعمار و التهم ومنهم القتلة و تجار المخدرات، وكان يذهب للامتحانات محاطاً بالعسكر والكلابش الحديد تزين يديه، لكن عندما أفرج عنه تأخرت إجراءات الإفراج خمسة أيام وظل يلف من قسم لتخشيبة فضاع عليه امتحان إحدى المواد، و بهذا سيكون عليه إعادة السنة كلها إن لم يجد عذرا مقبولاً لتقديمه، محمد ضمن مئات غالبهم من الشباب اعتقلوا أيضا لأنهم عبروا عن رأيهم و قالوا نحن مع استقلال القضاء فحق عليهم الاعتقال.أما زميلتك "آلاء" يا علي فهي أيضاً طالبة مصرية غير مرغوب فيها، لأنها مثلكم لا تعرف حدود النقد المباح؛ فإذا كنتم قد أيدتم الحرية وانتقدتكم الديكتاتورية، و محمد عادل أفندي تجاسر وأيد القضاة وانتقد مبارك، فقد قامت آلاء بجريمة تعبير أخرى، لم يكن مسرحها الجامعة أو الشارع، فهي لازالت في الفرقة الأولى بالمدرسة الثانوية، ورغم كونها أصغر منك سناً و مكانة- باعتبار إن الثانوي لا يعلى على الجامعة- لكن يشاء العزيز القدير أن توجه لها تهمة أكبر وهي "الانضمام لتنظيم سري"، فكل ذنب الفتاة أنها في إجابتها عن سؤال مادة التعبير بامتحان اللغة العربية عن سبب المشاكل الاقتصادية لمصر و الدول العربية كتبت الآتي "الولايات المتحدة الأمريكية سبب في المشاكل الاقتصادية التي تمر بها مصر والعديد من الدول العربية لأنها تدعم الأنظمة الفاسدة ولا يهمها مصلحة الشعوب" رغم أنه كاتبة أمريكية محترمة اسمها ماجي ميتشل سبقتها قبل عام و نصف قائلة عن أمريكا بلادها "عفوا: دعوني أحدثكم عن بلد فقد أرضيته الأخلاقية وماضيه الثوري" وانتقدت سياسات بلادها بالخارج، ومع ذلك لم يفصلها بوش من أي مدرسة أو وظيفة، ولم تحرم من دخول أي جامعة ولم تجرجر إلى المعتقلات، لكن في مصر ما أن قرأ مصحح اللغة العربية إجابة آلاء حتى هرول نحو رئيس الكنترول ومعه ورقة الإجابة وبعد لحظات توجه الأخير نحو مديرية التربية والتعليم بمحافظة الدقهلية حيث طلب لقاء وكيل الوزارة وأطلعه على الفضيحة فقام الأخير بالاتصال بجهة ما، وبعد لحظات تم استدعاء الطالبة من منزلها، لا تنس نحن في عصر السرعة يا علي، وفي وجود وكيل الوزارة ورئيس الكنترول وكبار الشخصيات بالمحافظة قاموا بالتحقيق معها، ورفض وكيل الوزارة السماح لأبيها بمقابلتها وأمرها أن تجيب على الأسئلة بالكامل(يعني مثلا تجاوب على أسئلة التعبير كاملة و أسئلة الأمن لأ؟ طب تيجي إزاي؟ ) وتقول الفتاة عن هذه التجربة العصيبة:جلست في حجرة صغيرة بمفردي، ثم جاء ثلاثة محققون، تناوبوا الأسئلة علي. وكانت كلها من نوعية "هل تنتمين إلي تنظيم سري ما؟ ومن الذي دفعك للهجوم علي أمريكا؟ وما هو رأيك في النظام المصري؟ وأنا لا أفهم نصف الكلام الذي يقال لي، والنصف الآخر لا علاقة لي به". واخد بالك يا علي؟ تنظيم سري. إحمد ربنا بقى إنها جت معاك على فصل من أي جامعة للأبد.زميلتك آلاء نصيبها حتى الآن هو إصدار مديرية التربية والتعليم قراراً بإعلان رسوبها-كده خبط لزق- وعدم السماح لها بدخول امتحانات الدور الثاني. وعدم السماح لها بالدراسة خلال العام القادم وكان يمكن خلال هذه الفترة -لولا تدخل مبارك بمكر ودهاء لحل مشكلتها ليظهر بمظهر الأب الحنون -إن لم تشرف في سجن القناطر للنساء- أن تتعلم لها صنعة مفيدة أو تتقن فنون الطبخ وأهي مسيرها للجواز برضه.وإذا كنت يا علي تتصور أننا في بلد يحترم فيه الصغار لمجرد أن ننشئهم بطريقة سوية، و يسمح فيه للطلبة بإبداء رأيهم لتنمو لديهم هذه الخصلة الخبيثة، فإنت غلطان، و من حقك من الآن الانضمام للأحرار يا علي ولن يلومك أحد.

S C