كتبت أميرة
الطحاوي
|
استمرار الاشتباكات في الخرطوم لليوم الخامس على التوالي - جيتي ايمجز |
الخرطوم – كل شيء مخطط له بعناية وسط
هذا العبث. ليست مصادفة الاعتداءات في أقل من 24 ساعة على كل من موكب وسيارة
السفير الأمريكي برخات رصاص، واختفاء وإصابة السيد فيم فرانسين البلجيكي مدير
المساعدة الانسانية والحماية المدنية ببعثة الاتحاد الأوربي بطلقات رصاص أيضا، ثم
التعدي على سفير الاتحاد الأوربي نفسه السيد اوهارا بعد اقتحام منزله، ثم النهب
المسلح لمجمع أطباء بلا حدود، وقد بدأت هذه السلسلة ضد مسؤولين غربيين بقتل 4 من
عاملي برنامج الغذاء العالمي وإصابة آخرين، قبل أن تشتعل المعركة وتحتد في باقي
الولايات والعاصمة السبت 15 أبريل 2023، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم
السريع.
|
فيم فرانسين مدير
المساعدة والحماية ببعثة الاتحاد الأوربي |
في بلد
يعتمد فيه نحو 16 مليون نسمة على برامج المساعدات في الغذاء والطاقة والصحة،
والمنسقة والمدعوم غالبها من منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة وأوربا
وأمريكا، الرسالة مباشرة ترهيبا من قبل قوات الدعم السريع بالأخص، الفصيل المسلح
المكون بالأساس من مليشيات الجنجويد التي عاثت في دافور منذ منتصف عام 2003 قتلا
وترهيبا بتواطؤ من نظام البشير وقتها، وأعطيت ثوبا رسميا في 2013، لا يداري عارها،
وواصلت توسعها عمليا و"سياسيا" بثناء من عدو اليوم، البرهان، خاصة بعد
انقلابه على حكومة د. عبد الله حمدوك في 2022.
ترسل
قوات الدعم رسالة ترهيب واضحة للغرب، أن هذا ما تستطيعه يداي في اليوم الأول،
فماذا أنتم فاعلون، السفارة الأمريكية ترد (ضمنا) أنها تجري محادثات تهدئة بين
الطرفين بينما السفير محتميا بمنزله ولن يغادره. كلام في كلام يا عوض دكام. لقد
فهموا الرسالة. يفضل الأمريكيون في مواقف كهذه أن ينتظروا من له الغلبة (تتذكر موقف
واشنطن من أحداث جنوب السودان في 2014، لا يهم)، ثم يعقدون مع هذا السفاح أو ذاك
اتفاق "جنتلمن" يحمي مصالحهم و"رجالهم"، وعادة ما يسوقون لنا،
نحن السذج من العامة التواقين لأن يتوقف دائرة الدم، على أنه اتفاق سلام. وقد
يستمر لبضع سنوات ثم يظهر أخرق جديد يعيد الكَرَّة، يلاعب ويتشاقى ويعابث هنا
وهناك، ويقتل مئات وآلاف، إلى أن يقبل الغرب المذعور بتتويجه ملكا جديدا. عاش
الملك مات الملك. المهم ألا تمس ما لي ومالي ومن لي. يقول الغرب أو هكذا سمعته.
بدوره،
الجيش السوداني الذي يحمل ميراثا ثقيلا من القتل والتدمير بالأخص في الجنوب قبل
استقلال الأخير، يبدو في هذه المعركة الأخيرة مدافعا، ويتحمل قدرا أقل في
الانتهاكات ضد المدنيين (سنفصل، فاصبر)، ليس عن السودان ولا المدنيين، ولكنه
مدافعا عن وجوده كقوة، ورجاله ضد قوات شبه رسمية تريد إزاحة من وصفه حميدتي علنا
بأحط العبارات في اليوم الأول للهجوم. ما يحدث هو حرب بقاء ووجود للطرفين. والكلام
عن هدنة ومفاوضات وتسوية وطاولات ومقاعد الخ لا يصدر عن رشيد. وصل الأمر بينهما أن
لمن له الغلبة فليدمر الثاني.