Pages

الأربعاء، 5 مايو 2010

لا تتركوا الضعفاء يسحقون (1-5) : اعتقال وتعذيب اللاجيء السوداني حسن محمود في مصر

تقرير أميرة الطحاوي: حسن؛ واحد من بين 14 لاجئا سودانيا على الأقل تم اعتقالهم في مصر خلال الأسبوع الثاني من يناير الماضي، ونقلوا لمكان مجهول يرجح أنه مقر لأمن الدولة بمدينة نصر حيث جرى تعذيبهم بقسوة، ثم لفقت لهم الأجهزة الأمنية ضلوعهم فيما وصفته  بأنه "أكبر تنظيم دولي لتهريب اللاجئين الأفارقة لإسرائيل وأوربا" بحسب ما سربته لأحد الصحف ونشرته كما أملي عليها، وقد امتلأت ملفات هذه القضية المختلقة (رقم 79 لسنة 2010 حصر امن دولة عليا) بتناقضات وأخطاء حتى في الأسماء والأماكن، أبسطها أن تحريات أمن الدولة بدأت بحادث في 10 فبراير 2010  ضم 19 لاجئا ارتريا، أي بعد شهر تقريباً من إلقاء القبض على هؤلاء السودانيين بالفعل، ونقاط أخرى سنفصلها في تقرير لاحق.(وقد صدرت أوامر اعتقال سياسي لكل اللاجئين المتجزين وعددهم 34 لاجئاً و7 مصريين)

لقد تعرض هؤلاء اللاجئون لتعذيب قاسٍ لـ55 يوما حتى فارق أحدهم الحياة في بداية أبريل الماضي، ولم يكن أحد على علم بمكانهم حتى التاسع من ابريل 2010، عندما عرضوا على النيابة، قبل أن أورد القصة الأولى أكرر أنه لا يجب أبدا أن نترك الضعفاء يسحقون، ولا يجب أن نصمت على هذه الانتهاكات الفظيعة التي تتم في بلادنا ضد أي مواطن بالأخص لو كان غريبا ولاجئا. نحن سندهم أيا كانت القوانين والعقبات وسنبقى.

عن اللاجيء السوداني: حسن محمود محمد آدم – مواليد 9/7/1978 -  بطاقة الأمم المتحدة رقم B0211772  تاريخ التسجيل بمكتب المفوضية: 20/8/2003  تاريخ اصدار البطاقة 7/5/2008
(يسمح بالنقل مع الإشارة للمصدر)

بحسب رواية شقيقه وهو الشخص الوحيد الذي قابله منذ اعتقاله: اتصل بي محام مساء السابع من ابريل واخبرني أن شقيقي سيعرض غدا – 8 ابريل 2010- في نيابة امن الدولة بالتجمع الخامس، ذهبت منذ التاسعة وفي نحو الواحدة ظهرا سمحي لي بمقابلته في وجود 2 من عناصر الأمن، رأيت جروحا في معصميه وكدمات بالذراعين، وآثار حروق على أذنيه بعضها حديث، اخبرني انه تعرض للضرب وقيدت يديه للخلف وتم توصيل الكهرباء لأذنه وأماكن أخرى بجسده أكثر من مرة وانهم احكموا"زرادية" على اذنيه وغير ذلك من تعذيب على مدار 55 يوما. سألني عن الدواء لكن الأمن رفض أن ادخل له بأي دواء رغم أني أعطيتهم روشتات طبية له" وأضاف أنه فقد الوعي كثيرا خلال التحقيق معه حيث لم يكن يتوقف ضربه. كما لم ترفع العصابة السوداء عن عينه منذ اعتقل من منزله منتصف يناير 2010 وطوال هذه الفترة، يخبره شقيقه "كان العساكر يمنعونا من الحديث لبعضنا البعض أو رفع العصابة عن أعيننا طوال ال55 يوما الأولى، كانوا يرافقونا حتى دورات المياه، سمعنا صرخات آخرين من زنازين مجاورة لكن لم نتبين في أي مكان نحن أو نعرف وجوه من يسألوننا"
  
وكان معه في نفس الغرفة اللاجئان: إسحاق إسماعيل مطر و إسماعيل داود جمعة، وأخبرني أن الأول سقط في إغماء طويل بسبب التعذيب بعد أسبوعين من قدومه للمعتقل في 16 يناير 2010، ونقل لخارج المبنى، ولم يعرفوا شيئا عنه منذ ذلك الحين ( توفى مطر في الأسبوع الأول من أبريل 2010  ولم تعلم اسرته سوى في 18 أبريل وتم دفن الجثة بلا تشريح أو شهادة وفاة والتي صدرت لاحقا وبها سبب الوفاة: بانتظار التشريح!)

يضيف شقيقه: عندما علمت انه نقل إلى ليمان طرة حاولت أكثر من مرة أن ادخل له طعاما ودواء وكان العساكر يأخذون الطعام فقط ويرفضون إيصال الأدوية. ولم يسمح لي بعدها بزيارته قط.

أما زوجة اللاجيء فتنقل واقعة الاعتقال: أنه نحو الواحدة فجر السادس عشر من يناير 2010 سمعت طرقات عنيفة على الباب وقال الرجال بالخارج إنهم "امن دولة" وبمجرد أن فتح الزوج الباب دخل 10-12 رجلا بملابس مدنية للشقة، وكان بصحبتهم شخص واحد يرتدي بدلة الشرطة "كنت مع صغاري في الغرفة وفوجئت بهم يريدون الدخول علي... الغرفة بلا باب بل تحجبها ستارة فقط . سمحوا لي بوضع توب على ملابسي المنزلية، أخرجوني من الغرفة وفتحوا كل الشبابيك، وفتشوا كل شيء بالمنزل، وحملوا أي ورقة وجدوها معهم، ارتعد أطفالي الصغار من الخوف والبرد (ثلاثة، أكبرهم في الرابعة أحمد، ميساء عامان، وأصغرهم الطفل مطر – 3 أشهر وقتها)  ظلوا يسألون زوجي عن أسماء أشخاص لا نعرفهم، كان بينهم شخصان جاؤا ومكثوا لدينا عشرة أيام في ديسمبر (عبدالله واسماعيل) ، وغادروا شقتنا عندما وجدوا مكانا آخر للسكن ولم نرهم بعدها، قالوا كيف يسكنون عندكم فأخبرتهم أننا معتادون على ان يستضيف السوداني مواطنه حتى يتدبر أمره في سكن آخر فلم يقتعوا، وقالوا لا بد أنكم تعملون في التهريب الى اسرائيل، لقد قبضنا عليهم في الاسماعيلية وانتم تستضيفون في منزلكم اللاجئين الذين يهربون لاسرائيل، كان زوجي يقف مذهولا وصامتا، (يعاني من مرض نفسي: فصام ذهاني، ويعالج منذ هرب من السودان قبل 9 سنوات بحسب تقارير مركز النديم)، جلسوا هم على الكراسي وبدأوا في توجيه السباب لي، هددوني إذا لم يتحدث زوجي سيقوموا باغتصابي، حاولت أن أقول لهم انه شخص مريض، يعمل في فرز النفايات ولا علاقة له بتهريب أو غيره، لكنهم استمروا في ضربه ودفعوني عندما حاولت الجلوس أو تهدئة صغاري"
 تضيف أيضا أنهم وجدوا هارد ديسك بالشقة وسالوا إذا كان هناك انترنت أو هاتف وأجابت بالنفي فأخذوه، ووجدوا 3600 جنيه "كان أرسلها لنا قريب يعلم بوضعنا المادي خاصة بعد إنجاب طفلتنا الأخيرة وأخبرتهم عن مصدر الأموال لكنهم أخذوها وشتموني من جديد  وأخدوا أيضا جهاز موبايل يخصني وآخر يخص زوجي. ثم صحبوا زوجي معهم  نحو الرابعة والنصف".
وعندما حاولت الزوجة النزول وراء السيارة دفعها رجال الأمن "شاهدت 3 سيارات أمن – بوكس تغادر من أمام العمارة التي تسكن الطابق الثالث بها"
تضيف أنها راجعت المفوضية في الصباح فطلبوا منها الانتظار لعشرة أيام أو أسبوعين وسيبلغونها بالنتيجة "لم يكن معي مليما واحدا وكنت أجرجر صغاري الثلاثة بصعوبة . زوجي أجرى جراحتين في العامين السابقين، وهو مريض ومسالم ويتابع حالته المرضية مركز النديم وأطباء من كاريتاس. انه يعمل يوما ويبقى يوما ولا دراية له بهذه التهم اطلاقا."
بعد أسبوعين عاود رجال الأمن مداهمة شقة اللاجيء ، تضيف الزوجة "كانوا 8 أشخاص وجاءوا في نفس التوقيت تقريبا الواحدة بعد منتصف الليل، طلبوا مني إغلاق الباب على الأطفال والنزول معهم للحديث مع الباشا رفضت وأصررت على اصطحاب أطفالي، كانت سيارة بوكس أمام العمارة، صعدنا فظلت تجوب بنا مدينة أكتوبر ثم خارجها وخفت لأننا اقتربنا من منطقة صحراوية، قالوا أنهم سيتركوني هنا إذا لم أرد عليهم، ظلوا يسألوني عن علاقة زوجي بالمهربين، وهل سافر إلى إسرائيل من قبل،وأخبرتهم انه لا علاقة لنا اطلاقا بالتهريب ولم نحاول ابدا التسلل لإسرائيل، خاصة أن لدينا فرص في التوطين لبلد آخر عبر الامم المتحدة، فنحن نحمل بطاقة لاجيء ولدينا حماية دائمة، سالوني لماذا لا يرد زوجي على اسئلتهم، ثم هددوني انه: إذا مانفع معاه الضرب سيقبضون علي أيضا"
ظلت اللاجئة واطفالها في السيارة حتى الرابعة ونصف فجرا تقريبا "طلبوا مني النزول وكنت احمل أطفالي الثلاثة واخشى أن يفصلوني عنهم. سقطت على الارض ممسكة بالصغار ثم تحركت السيارة" في اليوم التالي عاودت اللاجئة المفوضية لاخبارهم بما حدث، فقالت لها موظفة أنهم "طالما اطلقوا سراحك فما قيمة الابلاغ عما حدث"
حقا ما قيمة الابلاغ عن أي شيء حدث طالما حدث وانتهى!
تضيف اللاجئة أنها طلبت من المفوضية غير مرة مساعدتها في معرفة مكان زوجها وكان الرد أنهم لا يستطيعون ذلك لأنهم لا يعلمون مكانه (!!) ولأنهم لا يتخاطبون مع الأمن المصري مباشرة، وأحيانا كانت تقابل بمعاملة مهينة بالاخص من السيد سامح، وهو ضابط شرطة سابق بالمناسبة(!!..!!) عاودت اللاجئة منظمة اميرا المعنية باللاجئين، طلب منها أحد المحامين ملف القضية وهو أمر من المستحيل بالطبع أن توفره لاجئة في مثل هذه الظروف.
بعد الاعلان عن القضية الموقوف على ذمتها للاجيء وآخرون، وفي 28 أبريل وبمبادرة من أميرا قام ذوو اللاجيء بتوكيل محامين من المنظمة المصرية والمؤسسة المصرية لحقوق اللاجئين، كما تطوع المحامون محمود الزهيري و رضا الدنبوكي لتقديم أي دعم قانوني للاجئين المحتجزين ومحاولة الحصول على اذن للسماح لذويهم بزيارتهم.  
الصور لأسرة اللاجيء داخل شقته: هل هذا مسكن مهرب دولي؟ هل من يعمل بالتهريب الدولي يضطر للعمل في النفايات ليعيل صغاره؟ وهل تضطر زوجة مهربة أن تستجدي لتبقى على حياة اطفالها؟
(يسمح بالنقل مع الإشارة للمصدر)