Pages

الأحد، 16 أبريل 2023

أوقفوا الحرب - كيف أمضى العالقون ليلتهم في #الخرطوم #السودان

 كتبت أميرة الطحاوي - لا ترفع سلاحا؛ فالطلق الناري سيقتل روح وقد يصيب ويخيف ويمنع خروج مدني آمن مسالم من منزله لعمله وزرعه وحرثه، وعلاجه أو عودته لأسرة مذعورة جالبا لها بعض الطمأنينة أنهم معا، حربا وسلما. ستقضي نيران المدافع على الأخضر ...وفي الحقيقة ستقضي كل لون آخر قد تتخيله، حتى لو استمر إطلاق النيران لبضع سعات أو يزيد، ففي السودان يدفع المدنيون الثمن مضاعفا في بلد لم يهدأ لعقود. في نداء تكرر لساعات ثلاثة كان مواطنا يطلب العون لإغاثة حالة طبية حرجة لجارة له ويصف العنوان تفصيلا، تسمع نحيبه من بين الحروف حتى توقف عن التضرع طلبا للمساعدة. آخر كتب على تويتر عن جارته الحبلى ووالدها الذين خرجوا للمستشفى لتقديم روح جديد لهذا العالم وقتلا جراء الرصاص، ثلاثتهم.

مئات وربما آلاف غالبهم من الطلبة  والموظفين لم يتمكنوا من المغادرة لمساكنهم بسبب اشتباكات الجيش والدعم السريع في شوارع العاصمة السودانية الخرطوم منذ نحو التاسعة صباح السبت 15 أبريل. 

 بينما لم يتمكن كثيرون من مغادرة مقار عملهم ودراستهم والعودة لمساكنهم؛ بسبب اطلاق النار المتصل لليوم الثاني على التوالي، واضطرب تقديم خدمات طبية وتأثرت المواصلات خاصة ان اليوم خلال شهر رمضان حيث يصوم كثير من مسلمي البلاد حتى الغروب، لم تتأثر خدمات الاتصالات حتى حجب الانترنت عن بعض مزودي الخدمة في اليوم التالي.

فاتت الليلة ولازال هناك نحو 250 من طلبة (أعمارهم بين 12-17 ) مدارس كلية كمبوني بشارع القصر بالعاصمة الخرطوم عالقين بمقر مدرستهم، بمعية مدرسين وإداريين، في شارع القصر، قرب القصر الجمهوري حيث دارت اشتباكات بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع.

نشر إداريون ومعلمون استغاثات عبر حساباتهم الشخصية لفتح ممر آمن لإجلاء التلاميذ. اضطر الطلبة للمبيت في الفصول بعيدا عن صلات الرصاص والنوافذ.

 ومثلهم مكث عدد 11 دارس في معهد جوتة الألماني بالعاصمة بينهم فتاة مريضة بالسكر، دون طعام أو ماء.

المشهد كان أكثر تعقيدا في  أكاديمية السودان لعلوم وتكنولوجيا الطيران حيث هاجمتها قوات الدعم نهارا واتخذت الطلبة رهائن. أبلغ عن قتيل من الطلبة.

  كما توالت استغاثات من طلبة الجامعات المغتربين حيث حاول بعضهم (وكثيرهم من الفتيات) السفر لذويهم أو أقاربهم، أو مغادرة السكن لمنازل أسر، حيث هوجمت أثناء أحداث عنف سابقة (في 2005،2008 و2019 وما تلاها) مساكن المغتربين، وهي بيوت مؤجرة تفتقد إجراءات الحماية العالية، في أحداث مماثلة شهدتها البلاد.

يعيش نحو 8 ملايين في ولاية الخرطوم، من بين 46 مليون وأكثر من سكان البلاد. وبها عدد كبير من النازحين داخليا من أقاليم مختلفة بسبب الحروب والنزاعات الداخلية التي خاضتها البلاد خلال العقود الفائتة.  يطلق على عاصمة السودان العاصمة المثلثة كون الخرطوم من ثلاثة أقسام: وهى الخرطوم والخرطوم بحرى وأم درمان.

 

نشر ناشطون رسائل ومعلومات عن أهم أماكن العالقين ومن تقطعت بهم السبل ومنهم طلبة وأساتذة والعاملين بجامعة الخرطوم، وتعدوا المئات، ورئاسة بنك الخرطوم وعددهم 110 موظفا.

 


 

عبر الرسائل النصية وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تكرر نشر توصيات بتجنب الخروج، والابتاد عن النوافذ، وفصل آخرون إجراءات الحماية وسبل الفرار عند اقتراب المعارك، ونشر مواطنون ما تتعرض له منازلهم من رشقات نيران بسبب الاشتباكات العسكرية.

كما بث نداء لمجموعة مكونة من 10 طلاب عالقين في المجمع الطبي بجامعة الخرطوم في شارع القصر و عدد 25 طلاب اخرين في داخلية حسيب (سكن طلاب مغتربين) بينهم مرضى و بحاجة لأدوية أمراض مُزمِنة لإجلائهم. 


عدد من مسافري الرحلات الجوية التي ألغيت أيضا بسبب القتال الذي شهده مطار الخرطوم لم يجدوا ملاذا لكن أبواب المواطنين فتحت لاستقبالهم. 



عرض مواطنون استضافة العالقين، كما نشر أطباء عناوينهم وأرقام هواتفهم لمساعدة المرضى. لم يتمكن كثيرون من السفر وتناولوا طعام إفطارهم بمواقف الحافلات. فيما قال المتحدث باسم الهلال الأحمر السوداني ان بلاده تعاني نقصا في الكوادر الطبية والأسرّة وانقطاع التيار الكهربائي.وان عدد المصابين في الاشتباكات ليس قليلا لكن ليس لديهم إحصائية محددة.كما ناشد الأطراف المتقاتلة الالتزام بالحفاظ على حياة الكوادر الطبية.

 


 

تكونت مجموعات على الواتس اب لطلب الأدوية ولبن الأطفال وقائمة الصيدليات العاملة أو مخازن الأدوية التي تتيح المطلوب.

كما نشرت وكالة الأنباء الفرنسية صورا ميدانية لمواطنين يحملون أمتعتهم يسيرون على طول أحد شوارع العاصمة السودانية الخرطوم في 16 أبريل 2023 ، مع استمرار القتال لليوم الثاني. وتنذر الاشتباكات بموجة جديدة من المهجرين وحركة النزوح الداخلي.

 أخيرا، وبعد يوم كامل، ونصف اليوم التالي، وافق الجيش السوداني والدعم السريع على مقترح الأمم المتحدة بهدنة إنسانية وإخراج العالقين لمدة 3 إلى 4 ساعات، رغم استمرار الاشتباكات عمليا في العاصمة وخارجها. لكن البث الحي لمن استطاع ومن ينقلون الصور يحذرون أنه لا هدنة حدثت وأن الخروج لطعام أو دواء قد يعني أيضا الموت لأن صوت المدافع لم يتوقف.