Pages

الأحد، 15 يونيو 2008

مخاوف من ترحيل قسري للاجئين الارتريين في مصر

http://arabic.rnw.nl/humanrights/16060802

اذاعة هولندا
أميرة الطحاوي
نداء عاجل أعلنته منظمة حقوقية مصرية أمس الأول لوقف ترحيل اللاجئين الارتريين قسرا لبلادهم حيث يواجهون خطر الإعدام.. وظروف احتجاز مأساوية يعيش فيها أكثر من 1400 لاجيء ارتري في غرف مكدسة يقتاتون على الجبن والحلوى. ومع ذلك لازال تدفق اللاجئين الارتريين لمصر رغم وفاة البعض منهم في رحلة التسلل أو قتلهم على يد شرطة الحدود أثناء هربهم من مصر لإسرائيل.
فما هي قصة هؤلاء ؟
منذ نهاية العام الماضي بدأت أعداد من الارتريين المقيمين في معسكرات اللجؤ بشرق السودان التوجه لمصر، كبديل لسؤ الأوضاع المعيشية واختطاف بعضهم من داخل المعسكرات ومن ثم تسليمهم لسلطات بلادهم حيث يواجهون الإعدام لتهربهم من الخدمة العسكرية التي تطبق على الجميع بما فيهم النساء ولأمد مفتوح.
ومنذ فبراير 2008 انتبهت السلطات المصرية لموجات التدفق على حدودها بصورة غير رسمية عبر منفذ البحر الأحمر-جنوب شرق أو أسوان جنوب، حيث يتسلل اللاجئون للبلاد بواسطة مهربين. وكانت اكبر دفعة القي القبض عليها مرة واحدة تضم 109 في مارس الماضي.

وبحسب مصطفي الحسن المحامي عن اللاجئين بأسوان فإن العدد في أسوان وحدها وصل لأكثر من ٧٠٠ في أبريل الماضي كانوا موزعين على عدة مناطق احتجاز جوب البلاد؛ منها دراو(٧١ ) ادفو(٦٦) نصر النوبة( ١٨٠) كوم امبو (٥٥) قنا(٦١) والغردقة( ١٤٧)ومرسى علم(١١٦) من بين ١٢٨ كانوا على متن سفينة لكن ١٨ منهم لقوا حتفهم أثناء الرحلة البحرية من بورتسودان شرق السودان لمصر.
ويوجد ٦٦ محتجزا في معسكر للأمن المركزي بمنطقة الشلال حيث ألقي القبض عليهم من نقطة عسكرية. وحوكم البعض منهم بالفعل وعوقبوا بشهر سجن مع إيقاف تنفيذ الحكم.
ويوجد مجموعات أخري في المنيا وسجن القناطر- برج العرب وحصرت المفوضية السامية للاجئين بالقاهرة عدد 1226 لاجئ دخلوا أراضي جمهورية مصر العربية لطلب حق اللجوء السياسي.
ويطلب مهربون نحو 600 دولارا لإدخال الارتري لمصر عبر حدودها الجنوبية مع السودان، أما تهريب اللاجئ لإسرائيل عبر سيناء فيبدأ من 300 دولار تقريبا.

ويقدر المحامي أشرف ميلاد المختص بقضايا اللاجئين فإن العدد وصل إلى أكثر من 1200 محتجز إذا أضيف للأرقام السابقة المعتقلين بالقاهرة والذين قبض عليهم أثناء محاولة التسلل لإسرائيل. ويقول ميلاد العائد لتوه من مهمة عمل في السودان أن الكثير من اللاجئين الارتريين يتعرضون لهجمات في معسكر بورتسودان وكسلا من قبل قوات الأمن السودانية، ويقول أحد أقارب اللاجئين أنه جاء من الخرطوم بسبب تعقب عناصر الأمن له هناك لتسليمه لإرتريا حيث صدر ضده حكم بالإعدام لتخلفه عن الخدمة العسكرية. وتكاد أن تكون هذه هي السبب الرئيسي لمعظم الفارين صوب مصر خاصة أن أمد الخدمة العسكرية الإجبارية مفتوح ويبدأ في سن صغيرة ولا يستثني النساء.
وأهم مناطق تواجد اللاجئين في شرق السودان هي معسكرات كسلا، ود شرفي، كيلو 26 وأم قرقور.
وفي بداية يونيو الجاري أعلنت حكومة السودان منع أي نشاط للمعارضة الارترية على أراضيها.
وقالت جبهة التحرير الارترية المجلس الثوري في بيان لها أن العدد يزداد ويفوق عدد السجناء السودانيين والفلسطينيين بمصر وتعرضت مصر لانتقادات دولية بعد مقتل 57 لاجيء سوداني على يد الشرطة المصرية في أعقاب فض اعتصام سلمي لهم 30 ديسمبر2005.
وبسبب سؤ الأوضاع الإنسانية اضطرت منظمات حقوقية لإصدار بيانات في أبريل الماضي تناشد التبرع بملابس وأدوية خاصة أن إحدى رحلات الهروب من السودان لمصر عبر البحر الأحمر فقد فيها 18 لاجئا ألقت جثثهم في البحر.
وحول الأوضاع المعيشية الصعبة لاحتجاز اللاجئين في أسوان، يصف صفوت سمعان يسى صفوت سمعان يسى مدير تقصي الحقائق بالاتحاد المصري لحقوق الإنسان الشكل الذي يقضي فيه اللاجئون احتجازهم
"44 رجل في غرفة واحدة 4× 5 متر.. 17 سيدة و6 أطفال في غرفة 3×4 متر "
ويضيفان أنه يصرف للاجيء "خمسة أرففه خبز وقطعتي جبن وقطعة من الحلوى فقط يوميا".
ويقول رأفت سمير حبيب الناشط الحقوقي بأسوان أن البعض منهم يعاني من أمراض غير معروفة ولم يتم توقيع الكشف عليهم من أطباء مختصين وأكتفي بإعطاء مسكنات للألم. ويقول مصطفى الحسن أنه يتم تفريق أفراد الأسرة الواحدة في مقار مختلفة.
ويجمع الحقوقيون الثلاثة في تصريحاتهم الخاصة لإذاعة هولندا الدولية على وجود تحرك من أبناء أسوان لتوفير الحاجات الغذائية والإنسانية للاجئين لكنهم يحذرون من أن ذلك قد يتم عرقلته بأوامر من الشرطة.
ويحكم غالب اللاجئين في قضايا التسلل لإسرائيل بعام سجن مع غرامة 1000 جنيه مصري(الدولار 5.35 جنيها) مع الترحيل،وغالبا ما يكون الحكم في الجلسة الأولى أو الثانية وبعد إلقاء القبض عليهم بيوم أو اثنين،. فيما يحكم على اللاجئين في قضايا التسلل إلى مصر بشهر مع إيقاف التنفيذ مع الترحيل. ويحكم على من يقبض عليهم في نقطة حدودية بعام.
خطر الترحيل
وأصدر مركز هشام مبارك –منظمة مصرية حقوقية- نداءه هذا الأسبوع بوقف ترحيل اللاجئين الارتريين بعد أن توفرت للمركز معلومات عن نقل 200 منهم من معسكر الأمن المركزي لنقطة حدودية تمهيدا لإبعادهم.
الطريف وفقا لمصدر دبلوماسي مصري أن السفارة الارترية بالقاهرة قد رفضت أن تتم إعادة الارتريين على نفقتها، بينما أصر الجانب المصري أن يتم الترحيل بأي شكل لوقف موجات لاحقة من تدفق اللاجئين برا وبحرا.
ومرفق صور لنقل اللاجئين من أماكن احتجازهم لجهة غير معلومة بواسطة شرطة اسوان في الحادي عشر من يونيو الجاري.

من مصر إلى إسرائيل
وكثيرا ما أوردت وكالات الأنباء خبر إلقاء القبض على أفارقة حالة تسللهم لإسرائيل وإصابة بعضهم بطلقات نارية من الجانب المصرية، ويكاد يكون محصلة ما يعلن عنه يقترب من 10 أفراد أسبوعيا لكن منذ نهاية مايو توقفت صفحات الحوادث عن نقل هذه الأخبار.
ويقول صحفي بجريدة مملوكة للدولة أنه تم رفض نشر الأخبار المتعلقة بإلقاء القبض على مزيد من الارتريين القادمين عبر الحدود. أن بعض هذه الأخبار تبث من وكالة انباء الشرق الأوسط الحكومية.
ويرصد يسري محمد مراسل جريدة الشرق الأوسط بسيناء عدد من قتلوا من اللاجئين الأفارقة على الحدود مع إسرائيل خلال الربع الأول من هذا العام بـ 13 وعشرات الجرحى وبلع عدد من ألقي القبض عليهم 656 منهم 256 رجلا والبقية أطفال ونساء.
وتتم عملية التهريب باتفاق مسبق مع مندوبين عن عصابات التهريب بالقاهرة يدفع اللاجئ بعدها 300 دولار إذا كان ضمن مجموعة كبيرة من الهاربين أو 500 دولار إذا كانت المجموعة تتكون من 4 أو 5 أفراد فقط.
وتقول صحف إسرائيلية أن هناك 1500 لاجي غالبهم من الأفارقة والارتريين قد دخلوا إسرائيل منذ بداية هذا العام.
وقبل أيام نقلت الصحف أن جنودا مصريين أطلقوا النار على مهاجرة اريترية ( 37) عاماً وأردوها قتيلة أمام طفلتيها (8 و10 أعوام) وذلك أثناء محاولتهم العبور لإسرائيل.
مفوضية اللاجئين تقاعست أم منعت من أداء دورها؟
وفي الربع الأخير من العام 2007 جاء الارتريون على رأس قائمة طالبي اللجؤ الذين تعاملوا مع مقر مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئينUNHCR بإسرائيل، حيث بلغ عددهم ٣٢٣٧، وتلاهم السودانيون ٢٥٨٩ سوداني ثم أعداد أخرى من دول أفريقية كساحل العاجل.
وبحسب مصدر بالمفوضية فإن الأمن المصري طلب منهم منذ 26 فبراير شباط الماضي عدم متابعة أي ممن يلقى القبض عليهم أو يطلب مقابلة موظفي المفوضية طلبا للجؤ. وهو ما يفسر عدم وجود مسئولي المفوضية أثناء التحقيقات أو محاكمة اللاجئين أو طلبهم التحقق من البطاقات الدولية التي يحملونها.
وفسر المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن الحكومة تخشى من أن يتم تثبيت وضع قانوني للاجئين فيغري ذلك المزيد منهم بالقدوم لمصر التي تعاني مشاكل اقتصادية، خاصة أن بعض الارتريين في مصر يحاولون لاحقا وبعد استقرارهم بفترة الهرب لإسرائيل للحاق بذويهم هناك، وهو مايتم غالبا بطرق غير رسمية عبر المهربين في سيناء المحاذية لإسرائيل.
وأحيانا ما يدعي اللاجئون الارتريون أنهم يهود من إثيوبيا للحصول على الإقامة كمهاجرين في إسرائيل.
وتقول د. عبير عطيفة المتحدثة باسم المفوضية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنهم يبحثون عن آلية للتعاون مع الحكومة المصرية في هذا الصدد. وردا على سؤال الإذاعة عن إمكانية الترحيل قالت عطيفة أنه من الوارد أن يتم نقل اللاجئ لدولة ثالثة بها مقر للمفوضية، لكن لا يجب أن يتم الترحيل لبلده الأصلي الذي فر منه.

التهمة لاجيء
ويحدد مكان إلقاء القبض على اللاجئين الطريقة التي تتعامل بها معهم السلطات المصرية ؛ فالتسلل عبر الحدود من مناطق حدودية يتم تقديم اللاجئين فيه لمحاكمة عسكرية بتهمة "بتهمة التسلل إلي الأراضي المصرية دون جواز سفر والتسلل عبر المنافذ غير المصرح بها من وزارة الداخلية" أما الدخول لمصر بأوراق غير رسمية أو مزورة ولكن من معابر رسمية فان القضايا تكون مدنية وغالبا ما يحكم فيها بالسجن لشهر مع الترحيل، ووقعت مصر على اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية – الاتحاد الأفريقي حاليا- التي وسعت دائرة الحق في اللجوء ومنعت الحكومات من معاقبة اللاجئين لعبورهم الحدود بصورة غير رسمية طالما أعلنوا عن أنفسهم كطالبي لجؤ، وهو البند المضمن أيضا في اتفاقيات اللجؤ التي وقعت عليها مصر سابقا مثل اتفاقية شئون اللاجئين في جنيف 28/7/1951 وبروتوكول تعديل الاتفاقية الموقع في نيويورك 31/1/1967 وقرار رئيس الجمهورية رقم 331، 333 لسنة 1980 وطبقا لنص المادة 151 من الدستور المصري ومن واجب مصر احترام الدستور والاتفاقيات الدولية.
ويركز الدفاع عن هؤلاء بحجة قانونية هي ومن حيث أن المتهمين هم من طالبي اللجوء وقد دخلوا إلي البلاد بنية طلب اللجوء السياسي نظرا لتعرضهم إلى الاضطهاد في بلد اللجوء الأول وهى السودان.
ومنذ صدر أول أحكام بالسجن مع وقف التنفيذ ضد اللاجئين الارتريين في مصر منذ أبريل الماضي فإن احتجاز هؤلاء في مقار الشرطة بمصر يعد أمرا غير قانوني.
* تصوير رأفت سمير